تتمة شرح قول ابن مالك رحمه الله : واكسر أو اشمم فا ثلاثي أعل *** عينا وضم جا كبوع فاحتمل. حفظ
الشيخ : والثاني: ضمّ خالص، والثالث: إشمام، أي: بين الضّم الخالص والكسر الخالص، لكن أشار رحمه الله بقوله: " احتُمِل " إلى أن الثالث ضعيف، لكنّه احتُمِل لوروده في اللغة العربية، الإعراب: قال اكسر: فعل أمر، أو اشمم أو للتخيير، واشمم: فعل أمر، فا: مفعول اشمم أو اكسر؟ هنا تنازع فيه اكسر واشمم، وإذا تنازع فإن النحويين اختلفوا هل يكون العامل الثاني لمباشرته أو الأول لسَبْقِه على قولين، قال ابن مالك :
" والثاني أولى عند أهل البصرة *** واختار عكسا غيرهم ذا أسره "
وقوله: فا ثلاثي: فا: مضاف، وثلاثي: مضاف إليه، أعلّ: فعل ماض مبني على لما لم يسمّ فاعله، ونائب الفاعل مستتر، وعينًا: هذه مفعول ثان لأعل، وأصلها أعللت عينه، وضمّ جا: ضمّ: مبتدأ، وجا: الجملة خبره، وكبوع: جار ومجرور، وفاحتمل: معطوفة على ضمّ جا، واحتمل بمعنى: أنه أُجيز، نأخذ المثال؟ هاتوا لنا فعلًا ثلاثيًّا معلَّ بالواو؟
الطالب : بوع؟
الشيخ : لا.
الطالب : بوع؟
الشيخ : لا.
الطالب : قال.
الشيخ : قال، قال: فعل ثلاثي معل العين بالواو، لأن قال أصلها قوَل ، بدليل المضارع يقول بالواو فأصل قال قوَل، إذا أردنا أن نبنيه لما لم يسمّ فاعله قلنا حسب القاعدة السابقة: قُوِل، لأن الماضي يضمّ أوله ويكسر ما قبل آخره، فنقول قُوِل، لكن هذا مستثقل لأن ظهور الحركات على الواو ثقيل، فماذا نصنع؟ ننقل حركة الواو التي هي الكسر إلى ما قبلها، فيكون قِوْلَ هذا أيضًا مستثقل، أن تقع الواو بعد الكسر، إذن حوّل الواو إلى ياء فقل: قيل ولا أظن بدويًّا من العرب تحت شجرة يعرف كيف هذا التصريف! لو قلت له حل لي هذه الكلمة على هذا التصريف لقال: روح وراك! أنا ما أعرف إلاّ قيل بدل قال، لكن النحويين يريدون أن ينزّلوا الألفاظ على القواعد المعروفة تمرينًا للطالب، وإلاّ فمن المعلوم أنه لا يمكن أحد أن يقول: قُوِل ولا أن يقول: قِوْلَ بل يقول: قيل، وبكل سهولة، هذا كسر، كسرنا أوّله كسرًا خالصًا، الثاني الوجه الثاني؟ إيش؟ الإشمام: أن تأتي بحركة بين الكسرة والضّمّة، من يُشمّ؟ يلاّ ناصر.
الطالب : قيل.
الشيخ : هاه؟ قي؟
الطالب : قيل.
الشيخ : طيب، في الإشمام تجعل للكسرة ثلثين وللضم ثلث مشاعًا، الكسر هو الأصل، اعطوه الثلثين إرضاء له، يلاّ يا ناصر؟.
الطالب : قيل
الشيخ : وقيل؟! هههه
الطالب : قيل
الشيخ : هاه؟ الثالثة؟
الطالب : قِوْل.
الشيخ : هو في الحقيقة لو عندنا أحد من القرّاء الذين تعوّدوا على التجويد تمامًا يمكن يعرف ينطق.
الطالب : هنا الشيخ عبد الله.
الشيخ : من؟
الطالب : الشيخ عبد الله.
الشيخ : عبد الله مَن؟
الطالب : عبد الله بن عباس.
الشيخ : أين عبد الله بن عباس؟
الطالب : عبد الله بن عباس هناك.
الشيخ : أين هو؟
الطالب : الذي يلبس شماغ أبيض.
الشيخ : هذا؟ يلاّ؟
الطالب : وقيل يا.
الشيخ : قي؟
الطالب : نعم.
الشيخ : على كل حال أنا أخبركم عن شيخنا عبد الرحمن بن سعدي أنه كان يدرّسنا في هذا الباب ولم نعرفه كلنا لا نحن ولا هو! لأنه صعب صعب جدّا، لكن لعل العرب الذين ألفوا هذه اللهجة تسهل عليهم، لهذا الآن نحن هنا في المملكة في بعض الجهات يتكلّمون بلهجة ما نستطيع أن نتكلم بها وهي عندهم سهلة، كذا؟ هذا شيء معروف، مثلًا سيف بمعنى: كيف هذه تكون صعبة عند بعض الناس، سيف هذه وش هي سين وإلاّ كاف وإلاّ إيش؟
الطالب : إشمام هي؟
الشيخ : إشمام حرف مو حركة! على كل حال الإشمام صعب وحتى خالد الآن يقول.
الطالب : شيخ هو أن تظهر الشفتين بالضّمّة ولا تنطق بها.
الشيخ : طيب قل.
الطالب : مثل ما قال قيل.
الشيخ : قلها.
الطالب : (( لا تأمنّا )) تمد الشفتين.
الشيخ : لا لا (( تأمنّا )) أهون، لكن قيل، لأن (( لا تأمنّا )) حرفين النون مشدّدة يعني سهل تشم الحرف الأول منها لكن هذا صعب، على كل حال نحن نعلمكم أما التطبيق فإن تيسّر وإلاّ اتركوه، الوجه الثالث: الضّمّ، الضّمّ الخالص، فنقول في قيل نقول قُوْل، ونقول في بيع بُوْع، طيب البيع يائية، باع يبيع يائية فلماذا كانت واوًا؟ لأنها وقعت بعد ضمّ لا بد منه، إذ أن هذا الضّمّ هو الذي يُفرّق بين البناء للفاعل والبناء لما لم يسمّ فاعله، فالضّمّة لا بد منها ولا يناسبها إلاّ الواو، لهذا نقول: بُوع ولا نقول: بُيِعَ، ما نقول هكذا لأن ضمّ أوله لا بد منه، والضّم لا يليه إلاّ الواو فنقول: بُوع ففي بوع الآن ثلاث لغات: بيع والثانية؟
الطالب : بُيع.
الشيخ : الإشمام، والثالثة؟
الطالب : بُوع.
الشيخ : ضمّ خالص بوع، كذا ثلاث لغات، قيل مثله، قيل إشمام قُوْلَ، وقوله : " وضمٌّ جا " جاء من أين؟ من العرب، ومنه قول الشاعر :
" ليت وهل ينفع شيئًا ليت *** ليت شبابًا بُوع فاشتريت "
يعني: أن ليت لا تنفع، وهكذا كقول الرسول عليه الصّلاة والسّلام : ( فلا تقل لو فإن لو تفتح عمل الشيطان ) شوف شاعر جاهلي يعرف أن التمني لا يفيد، وفي المثل العامي عندنا " التمنّي راس مال المفاليس " إيش معناه؟ المفلس الذي ليس عنده شيء رأس ماله التمني، طيب المهم أن الشاعر يقول:
" ليت وهل ينفع شيئًا ليت *** ليت شبابًا بُوع فاشتريت "
واللغة المشهورة؟
الطالب : بِيع.
الشيخ : بِيع فاشتريت، فكون الشاعر عدل عن بِيع إلى بُوع مع أن وزن البيت لا يختلف، يدل على أن هذه لغة، ولهذا قال " ضمّ جا " كبوع، لكن هذه اللغة ضعيفة باعتبار اللغة الفصحى، خلاصة البيت أنه يجوز في الفعل الثلاثي المعلّ العين كم؟
الطالب : ثلاثة أوجه.
الشيخ : ثلاثة أوجه: الأول: الكسر الخالص، وهو الأكثر، والثاني: الإشمام، والثالث: الضمّ الخالص، وهو قليل.