شرح قول ابن مالك رحمه الله: واستعمل اسما وكذا عن وعلى *** من أجل ذا عليــهما من دخـــــلا حفظ
الشيخ : اسم في اللغة العربية، مثاله ما رأيت كاليوم قط، أي: ما رأيت مثل اليوم قط، وهل هذا قياسي أو سماعي؟ الظاهر أنه قياسي، وأن كل شيء يدخل عليه الكاف يصلح أن تكون بمعنى مثل إلا إذا وجد المانع، الكاف تصلح أن يكون بمعنى مثل ما لم يوجد مانع، حتى زيد كالبحر يصلح أن يجعلها اسمًا، ونقول الكاف اسم بمعنى مثل، الكاف اسم بمعنى مثل، وحينئذ تكون مبنية على الفتح في محل جملتها رفع أو نصب أو جر حسب الحال، فزيد كالبدر، أو زيد كالبحر، نقول: زيد: مبتدأ، وكالبحر الكاف: اسم بمعنى مثل، وهي مضافة إلى البحر، الكاف مضاف والبحر مضاف إليه، فعلى هذا نقول: إن الكاف تأتي اسمًا قياسًا لا سماعًا، أما ظاهر كلام ابن مالك في قوله: " واستعمل اسمًا " فإن ذلك سماعي، يعني استعمل، ولكن لا تستعمله أنت، فيقتضي أن يكون ذلك سماعيًّا، وأما أنت فلا تستعمله نعم
" وكذا مِن وعلى "
الطالب : " وكذا عن وعلى ".
الشيخ : " وكذا عن وعلى " هي عن " وكذا عن وعلى " يعني: واستعمل كذلك عن اسمًا، وكذلك على استعمل اسمًا، على أيضًا استعمل اسمًا، فعن يقول المؤلف: " من أجل ذا عليهما من دخلا " يعني: من أجل استعمال عن وعلى اسمًا صح أن يدخل عليهما من لقوله: " استعمل اسمًا " الإعراب نسيناه، استعمل: فعل ماضي مبني للمجهول، ونائب الفاعل مستتر يعود على الكاف، واسمًا حال من نائب الفاعل في استعمل، وكذا عن مبتدأ وخبر، وعلى معطوف عليه، ومن أجل ذا متعلق بقوله: دخل، ومن: مبتدأ، ودخل: الجملة خبر، وعليهما: متعلق بدخل، يعني: من أجل كونهما اسمين صح دخول من عليهما، وهنا الشارح خالف الماتن فإن الشارح يقول: ما يستعملان اسمًا إلا إذا دخل عليهما من، وليس كذلك، فإن ظاهر كلام ابن مالك هو الحق، أنهما يستعملان اسمًا مطلقًا، وأما الدليل على أنهما يستعملان اسمًا هو دخول من، أما كلام الشارح فيقول: ما يكونان اسمًا إلا إذا دخل عليهما من، ولكن ما في المتن أولى، يعني: أما عن يجوز أن تكون اسمًا، كيف تكون اسما؟ نعم تقول مثلًا: مررت من عن يمينه، شوف دخل عليها من، ومن حروف الجر ما تدخل إلا على الاسم أفهمتم؟
الطالب : نعم.
الشيخ : من عن يمينه ويش يكون عن بمعنى إيش؟
الطالب : جانب.
الشيخ : بمعنى جانب، مرت من عن يمينه، أي: من جانب يمينه، مررت من عن شماله، أي: من جانب شماله، كيف نعرب من عن يمينه؟ نقول: من: حرف جر، عن: اسم مجرور بمن، عن اسم؟ نعم عن اسم مجرور بمن وعلامة جره، ها أقول: وعلامة جره؟
الطالب : لا، مبني على السكون.
الشيخ : اسم مجرور، اسم مبني على السكون في محل جر، فهمتم؟
الطالب : نعم.
الشيخ : عن مضاف ويمين مضاف إليه، ويمين مضاف والهاء مضاف إليه، لأنه اسم خالص يكون، وكذلك على تقول: نظرت إليه من على السطح، فتكون معناها فوق، وإعرابها أن تقول: من: حرف جر، وعلى: اسم مبني على السكون في محل جر بمن، وعلى مضاف، هاه؟
الطالب : والسطح مضاف إليه.
الشيخ : والسطح مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره كسرة ظاهرة في آخره، عرفتم الآن؟
الطالب : عرفنا يا شيخ.
الشيخ : طيب إذًا عن تأتي اسمًا، وكذلك على تأتي اسمًا، وتأتي فعلًا على، هاه؟ ولا ما تأتي؟
الطالب : تأتي بس يختلف.
الشيخ : تأتي بس يختلف الرسم فقط، الرسم فقط يختلف، أما اللفظ فهو واحد، تقول: علا الماء على السطح -مثلًا- على العتبة، علا الماء على العتبة، أو لا؟
الطالب : مرة حرف جر ومرة.
الشيخ : تقول: علا: فعل ماض، وعلى الثاني: حرف جر، واضح؟ فصارت علا الآن تأتي اسمًا وفعلًا وحرفًا، ومن تأتي حرفًا وتأتي اسمًا؟
الطالب : نعم.
الشيخ : من تأتي اسمًا؟
الطالب : لا ما تأتي.
الشيخ : هاه؟
الطالب : تأتي ...
الشيخ : تأتي فعلًا، هاه؟
الطالب : فعل أمر.
الشيخ : إي: تأتي فعل أمر من، من مان يمين لكن أنا ما ودي أقول من، لأن يمن بمعنى: يكذب، فإذا قلت من صار معناها اكذب، لكن ما أحب إني أوجه الأمر لكم هذا، المهم على كل حال بس اللفظ واحد لكن يختلف المعنى، ما الذي يعين المعنى؟
الطالب : سياق الكلام.
الشيخ : سياق الكلام، وهذا وأمثاله كثير يؤيد ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله من أنه لا مجاز في اللغة العربية، وأن الكلمات ليس لها معنى ذاتي هو معناها، وأن الذي يحدد معنى الكلمة هو سياقها، سياق الكلام، وإذا تدبرت كلامه وجدته حقيقة، وأهم شيء عندي باعتبار كلامه أهم شيء هو أن نوصد الباب أمام أهل التحريف في الأمور العلمية وفي الأمور العملية، لأن أهل التحريف ليس هذا بس في العقائد فقط وليس في الأمور بل في العقائد وفي الأمور العملية يعني في العلمية والعملية، أفلا ترون إلى أولئك الذين يستغيثون بالرسول عليه الصلاة والسلام ويقولون: هو أقرب الناس جاهًا حرَّفوا في أمور عملية، وفيه أيضًا مسائل عملية في باب المعاملات وغيرها حرَّفوا بعض العلماء حرَّفوا فيها النصوص كله ارتكابًا للمجاز، فنحن إذا قلنا المجاز في اللغة العربية معدوم، والكلمات يعينها سياقها وأحوال من تكلم بها استرحنا، استرحنا من هذا.
الطالب : كيف التغيير العملي يحصل؟
الشيخ : التغيير العملي يقولون: إن الآيات تدل على كذا وكذا، ثم يحرفونها ويعملوا بمخالفة الشرع بناء على هذه الآيات أو هذه الأحاديث، فإذن يا جماعة صار الذي يستعمل اسمًا من حروف الجر هي الكاف وعن وعلى
" واستعمل اسما وكذا عن وعلى *** من أجل ذا عليــهما مِن دخـــــلا
ومذ ومنذ اسمان حيث رَفعا *** "

... نعم.
الطالب : ... كلام ابن مالك في استعمال مِن وعلى.
الشيخ : نعم، ايش يقول الشارح؟
الطالب : استعملت على وعن اسمين عند دخول من عليهما.
الشيخ : إلا.
الطالب : إلا.
الشيخ : فقيده عند دخولها.
الطالب : إي نعم، ولا يوجد في اللغة العربية ما يدل على دخولها عليه.
الشيخ : إلا يوجد في اللغة العربية فالشارح قيدها، وكلام المؤلف ما هي بنافية أبدًا، يقول: ولكنه يدل على التعليل بكونه مثنى، يقول: مما يدل على أنها اسم دخول مِن عليها، فعلى هذا يكون كلام ابن مالك مطلق ... .