شرح قول ابن مالك رحمه الله: ونعتوا بمصـــــدر كثيـــــرا *** فالتزموا الإفــــراد و التذكيــــرا. حفظ
الشيخ : قال المؤلف -رحمه الله- :
" ونعتوا بمصدرٍ كثيرا " :
نعتوا : إذن فالمسألة مسألة استعمال ، مسألة استعمال ، فيكون الضمير في نعتوا على المستعمِلين وهم ؟
الطالب : العرب .
الشيخ : العرب ، لا النحاة ، ونعتوا : أي العرب .
" بمصدر كثيرا " : كثيرا هذه مفعول مطلق لنعتوا ، يعني نعتوا نعتا كثيرا بالمصدر ، ولهذا يمر بكم في القرآن وفي السنة وفي كلام العرب وفي كلام الناس النعتُ بالمصدر ، كثيرا ما يمر ، فتقول مثلا : هذا رجلٌ عدلٌ ، رجلٌ عدلٌ ، كلمة عدل هذه هاه ؟
الطالب : مصدر .
الشيخ : مصدر ، لأنها مصدر عدل يعدل عدلا ، نعم ، لذلك يَكثر هذا ورودها ، كذلك تقول : هذا ثقة ، هذا رجلٌ ثقةٌ ، ثقة : مصدر وثِق يَثِقُ ثقة ، كوعَدَ يَعِدُ عِدَةً ، واضح ؟ وتقول : هذا رجلٌ رِضَى ، رضى : مصدر ، مصدر رَضِي يَرضى رضى ، أو لا ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : وتقول : هذا رجلٌ شرٌ ، هاه ما هو من هذا النوع !
الطالب : ما هو مصدر شيخ !
الشيخ : إي ، ليس مصدر نعم ، تقول : هذا رجلٌ خيرٌ ، وكذلك خير ليست مصدر ، طيب إذا نعت بالمصدر يقول المؤلف :
" فالتَزَموا الإفرادَ والتَّذكيرا " :
التزموا : أي العرب الذين نعتوا بمصدر الإفراد ، ولو كان المنعوت مثنى أو جمعا .
والتزموا التذكير ولو كان المنعوت مؤنثا ، يعني أنهم أبقوا المصدر على حاله فتقول : هذا رجلٌ عدلٌ ، وهذه امرأةٌ عدلٌ ، وهذان رجلان عدلٌ ، وهؤلاء رجالٌ عدلٌ ، وهؤلاء نساءٌ عدلٌ ، وهاتان امرأتان عدلٌ ، ما يتغير ، التزموا الإفراد والتذكير ، وذلك لأن المصدر لا يُجمع ولا يثنى ، لا يجمع ولا يثنى يبقى على ما هو عليه ، لكن كيف تأويل هذا المصدر ؟!
لأننا نعرف أن المصدر نعت ، والنعت : صفة دالة على ذات ، فالعدل غير العادل ، والرضى غير الراضي ، أو غير المرضي ، -حطوا بالكم يا جماعة- فكيف نقول ؟!
ذكروا في تأويله واحدا من ثلاثة أوجه ، فقالوا : إن المصدر بمعنى اسم الفاعل إن كان قائما بالمنعوت ، أو بمعنى اسم المفعول إن كان واقعا على المنعوت ، فقولك : عدلٌ رِضى ، رِضى بمعنى ؟
الطالب : مرضي .
الشيخ : مَرضي ، وعدلٌ بمعنى عادل ، الأول : بمعنى اسم الفاعل ، والثاني بمعنى اسم المفعول ، يعني قالوا : إن المصدر مؤول بمشتق ، إما اسم فاعل ، أو اسم مفعول ، فهو إذن بمعناه ، وقيل : إن المصدر على حاله ، وأنه على تقدير مضاف ، أي : ذو عدل ، تقول : هذا رجلٌ ذو عدل ، وهذان رجلان ؟
الطالب : ذو عدل .
الشيخ : لا ، ذَوا عدلٍ ، ورأيتُ رجلين ذوي عدلٍ ، قال الله تعالى : (( وأشهدوا ذوي عدل منكم )) ، وعلى هذا فيكون المصدر على تقدير إيش ؟
الطالب : مضاف .
الشيخ : مضاف ، على تقدير مضاف .
القول الثالث أو الاحتمال الثالث : أن هذا المنعوت ، النعت دال على صفة وصاحبها ، فقائم : مررت برجل قائم ، قائم : دال على صفة وعلى ذات الذي هو صاحب الصفة ، فجعلنا المصدر أو جعلنا هذا المنعوت نفس المصدر من باب المبالغة ، كأنه هو نفسه ذلك المعنى ، كأنه هو العدل ، مبالغة بالتسمية ، رجلٌ عدلٌ : كأنه هو العدل نفسه ، المعنى الذي يوصف به الناس هو هذا الرجل ، كما تقول : هذا رجلٌ رحمةٌ : رحمةٌ هذه مصدر ، أي ذو رحمة ، أو أنه هو الرحمة نفسها ، من باب المبالغة ، هذا هو توجيه المصدر إذا نُعت به .
طيب مر علينا في كتاب الفقه : " ويثبت دخول الشهر غير رمضان بشهادة عدلين " : عدلين وشو هذا هاه ؟
الطالب : ما هو الشكل هذا ؟
الشيخ : ورقي .
الطالب : ...
الشيخ : بس هذا المصدر سموه
الطالب : بس عدلين وش !
الشيخ : هاه ؟
الطالب : صفة الرجلين عدلين .
طالب آخر : إي صفة الرجلين يعني عدلين .
الشيخ : إي ، لكن أصل عدل مصدر ، أصل عدل مصدر ، نقول : هذا من باب تسامح الفقهاء ، ولا كان يقول : " بشهادة اثنين عدل " ، أو : " ذوي عدل " ، مثل ما قال الله تعالى : (( وأشهدوا ذوي عدل )) ولم يقل -سبحانه وتعالى- : وأشهدوا عدلين ، ما قال : أشهدوا عدلين ، نعم طيب ثم قال :
الطالب : شيخ لغير الصفة أيضا نلتزم عدلين !
الشيخ : وش هو ؟
الطالب : رجلين عدلين ، شاهدين عدلين .
الشيخ : شاهدين عدلين !
الطالب : الإضافة هذه هنا وصف هنا ؟
الشيخ : هاه ؟
الطالب : هنا وصف ؟
الشيخ : عدلين ؟
الطالب : إي نعم .
الشيخ : إي ، بس ما يقال هكذا عند العرب ، يعتبر هذا لحن ، بشهادتي عدل ، أو بشهادتي رجلين عدل ، أو ذوي عدل .