شرح قول ابن مالك رحمه الله: فقد يكونان منكــــــرين *** كمـــا يكونـــــان معرفيــــــن. حفظ
الشيخ : وإلى هذا أشار بقوله :
" فقد يكونانِ مُنكَّرينِ *** كما يكونان مُعرَّفين " :
قاس المختَلَف فيه على المتفق عليه ، النحويون بصريّهم وكوفيّهم اتفقوا على أنَّ عطف البيان يكون بين معرفتين ، يكون بين معرفتين ، لأنه يجوز تخصيصه فتقول مثلا : جاء أبو بكر عبد الله بن أبي قحافة ، عبد هذه وش هي ؟
الطالب : نكرة .
الشيخ : لا يا إخوان !!
الطالب : لا معرفة .
طالب آخر : عطف بيان .
الشيخ : عطف بيان ، عطف بيان ، والآن بين معرفتين ولا بين نكرتين ؟
الطالب : بين نكرتين !
الشيخ : ها ؟ جاء أبو بكر عبد الله ؟!
الطالب : بين معرفتين .
الشيخ : بين معرفتين ، أبو بكر هو المتبوع معرفة ، وعبد الله هو التابع معرفة ، هذا شيء متفق عليه .
الطالب : ما معنى بين معرفتين ؟
الشيخ : نعم ؟
الطالب : وش معنى بين معرفتين ؟
الشيخ : يعني معناه أنهما هما معرفتين .
الطالب : هذا متبوع !
الشيخ : التابع والمتبوع معرفتين ، نعم ، طيب هل يكون بين نكرتين ؟
الجواب : نعم ، هذا ما ذهب إليه ابن مالك ، مع أن ابن مالك يعد من البصريين ، لكنه بصري مجتهد ، يميل إلى ما يراه هو الصواب ، ولهذا مذهب الكوفيون ومنهم ابن جروم : أنه يقع عطف البيان بين نكرتين ، نعم .
الطالب : فوافقهم على هذا .
الشيخ : فوافقهم على هذا ، واستشهدوا لذلك من القرآن ، قالوا إن الله سبحانه وتعالى يقول : (( ويُسقى مِن ماء صديد )) من ماءٍ هذه ماءٍ نكرة ، وش نوع هذا الماء ؟
الطالب : صديد .
الشيخ : صديدٍ ، صديدٍ هذا اسم جامد ، اسم جامد ، ومع ذلك صار عطف بيان ، نعم ، تابع جامد فصار عطف بيان .
البصريون ماذا يجيبون عن الآية ؟ يقولون : هذا بدل ، نجعله بدلا ، والبدل سيأتينا إن ضابط البدل هو الذي لو حذف المبدَل منه قام مقامه ، قالوا : لو قال سبحانه وتعالى : ويسقى من صديد ، استقام الكلام ، فهو إذن بدل وليس عطف بيان ، أما هؤلاء فيقولون : نعم نحن نقول : إنه يجوز بدل ، يجوز أن يكون بدلا ، لكن يجوز أيضا أن يكون عطف بيان وما المانع أن الله بيّن نوع هذا الماء أنه صديد ، نعم ، وكذلك أيضا : (( يوقد مِن شجرة مباركة زيتونة )) : زيتونة ، شجرة مباركة زيتونة ، مباركة وش هي ؟
الطالب : صفة .
الشيخ : صفة نعت ، زيتونة ؟
الطالب : عطف بيان .
الشيخ : عطف بيان ، لأن زيتونة ما هي مشتق ، فهي عطف بيان ، وأولئك يقولون إنها بدل ، لأنه لو قال : يوقد من زيتونة مباركة صح ، لكن نقول : هي أيضا ما في مانع من أن تكون عطف بيان .
يقولون : إن المانع أن المراد في عطف البيان أنه يبين متبوعه ويخصصه ويميزه من غيره ، والنكرة لا تبين النكرة ، والرد عليهم بسيط جدا : وهو أن النكرة الموصوفة أو المبينة تخصصها ، بدل ما أننا نقول : من ماء ونطلق ، أي صالح لكل ماء ، ميز هذا الماء بقوله : (( صديد )) .
(( من شجرة مباركة )) : بدل ما أنها عامة لكل شجرة مباركة ، خصصها بقوله : (( زيتونة )) فالتخصيص حتى في النكرات موجود ، فإذن دليلهم ليس بصحيح ، ولهذا مشى ابن مالك على هذا القول : إنه يجوز أن يكون عطف البيان ومتبوعه نكرتين .