شرح قول ابن مالك رحمه الله: و المفرد المنكور و المضافــــا *** وشبهه انصــــب عادما خـــلافا. حفظ
الشيخ : " والمفرد المنكورَ والمضافَ *** وشِبهَهُ انصِف عادِمًا خِلافا " :
يعني وانصب المفرد المنكور ، المنكور : يعني النكرة ، والمراد بالمفرد هنا ما ليس مضافا ولا شبهه ، فالمفرد النكرة يُنصب ، ولهذا قال : " انصب " ، فتقول مثلا : يا رجلاً أنقذ فلانا ، وقالوا مثل قول الأعمى : يا رجلاً خذ بيدي ، ما قصد رجل معينًا ، قصد أي رجل من الرجال ، هذا يصير نكرة ولا لا ؟
يكون نكرة فينصب بالفتح ، فتقول : يا رجلاً افعل كذا وكذا ، ما تخاطب رجل واحد ، رجل معين ، تخاطب أي رجل ، وتقول أيضا : يا طالبا كن مجدا ، يا طالبا : تخاطب من ؟
الطالب : أي طالب .
الشيخ : أي طالب ، فيكون منصوبا ، وتقول : يا مسلمين ، ما تخاطب مسلمين معينين ، يا مسلمينَ بالنصب ولا لا ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : نعم بالنصب ، والسبب لأنه منكّر ، المفرد المنكور ، الثاني : " والمضافا " : هذا الثاني ، المضاف أيضا ينصب عند النداء مثل : يا عبد الله ، تقول : يا حرف نداء ، وعبد منادى منصوب بياء النداء وعلامة نصبه فتحة ظاهرة في آخره ، وعبد مضاف ، ولفظ الجلالة مضاف إليه ، لو قلت : يا عبدُ الله ، يصلح ؟
الطالب : لا .
الشيخ : ما يصلح ، لازم : يا عبدَ الله ، قال النبي -عليه الصلاة والسلام- : ( يا عبدَ الله لا تكن مثل فلان ، كان يقوم من الليل فترك قيام الليل ) ، طيب ومثله أيضا : يا عبادي ها : (( يا عبادي فاتقون )) كذا ؟!
(( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله )) ، وهذا أمثلته كثيرة ، وتقول أيضا : يا غلامَ زيدٍ أقبل ، مضاف ولا لا ؟
الطالب : مضاف .
الشيخ : يا غلامَ زيد : فياء حرف نداء ، وغلاما منادى منصوب بالفتحة الظاهرة ، وغلام مضاف ، وزيد مضاف إليه مجرور بالإضافة ، وعلامة جره كسرة ظاهرة على آخره ، لو قلت : يا غلامُ زيد ، كان هذا ممنوعًا ، وإنما تقول : يا غلامَ بالنصب ، هذا معنى قول ابن مالك هاه ؟ " والمضافا " .
قال " وشبهه انصب عادماً خلافًا " :
شبه المضاف يقولون : ما تعلق به شيء من تمام معناه ، وما تعلق به شيء من تمام معناه إما فاعلا به ، أو مفعولا به ، أو مجرورا ، هذا شبه المضاف ، ما يتعلق به شيء من تمام معناه : إما فاعلا به ، نعم ، وإما مفعولا به ، وإما مجرورا به ، تقول : يا كريما أبوه أقبل ، كريم هنا منادى معيّن لكنه شبيه بالمضاف ، لأنه تعلق به شيء من تمام معناه ، فاعلا به ، ولا مفعولا به ؟
الطالب : فاعل
الشيخ : يا كريما أبوه ، فاعلا به ، كذا ؟!
الطالب : نعم .
الشيخ : والمفعول به تقول : يا بائعًا ثوبه عندي لك ثوبٌ ، ها ؟ هذا تعلق به شيء من تام معناه مفعولا به ، ومثله الذي مثلوا به : يا طالعًا جبلًا : طالعا هذه نكرة مرادة ، يعني معينة ، المقصود هذا الشخص المعين ، لكنه تعلق به شيء من تمام معناه ، فصار شبيها بالمضاف ، أما المجرور فتقول : يا لطيفًا بالعباد كن بي لطيفا ، يا لطيفا بالعباد : لطيفا هذه نكرة مقصودة ولا غير مقصودة ؟
الطالب : مقصودة .
الشيخ : مقصودة موجه إلى الله عز وجل ، لكن بالعباد تعلق بها ، ليتمم معناها ، وهو مجرور بحرف الجر ، يا لطيفا الطف بالعباد ، عرفتم يا جماعة ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : طيب ، إذن ماهو الشبيه بالمضاف ؟
ما تعلق به شيء من تمام معناه ، إما فاعلا به ، أو مفعولا به ، أو مجرورا به ، طيب تقول : يا قارئا كتابه تأمله ، أو : يا قارئا الكتاب تأمله !
الطالب : تعلق بالمفعول .
الشيخ : هذا مفعول ؟
الطالب : إي .
الشيخ : طيب لو قلت : يا قارئٌ الكتاب ، يا قارئٌ ؟!
الطالب : ما يصح .
الشيخ : ما يجوز ، ليش ؟
الطالب : لأنه شبيه بالمضاف .
الشيخ : لأنه شبيه بالمضاف ، فإن قولك : يا قارئا الكتاب ، مثل قولك : يا قارئ الكتاب ، وأنت لو قلت : يا قارئ الكتاب ، وش صار ؟
الطالب : مضاف .
الشيخ : صار مضاف ، فلهذا يقولون : إن هذا شبيه بالمضاف ، يا كريما أبوه ، مثل قولك : يا كريم الأب ، فهو شبيه بالمضاف تماما ، نعم وعلى هذا فقس ، فصار ثلاثة أشياء تنصب ، وش هي ؟
الطالب : النكرة غير المقصودة .
الشيخ : النكرة غير المقصودة ، والمضاف ، والشبيه بالمضاف ، إذا نوديت هذه لابد أن تنصب ، وش بقي لنا ؟ بقينا بشيئين يبنيان على ما يرفعان به ، وهما : العلم ، والنكرة المقصودة ، أو لا ؟
الطالب : بلى .
الشيخ : طيب العلم والنكرة المقصودة ، فصارت الأقسام الآن خمسة : علم أو اسم إشارة ، أو الذي هو ، المهم إنه معرفة ، أحسن أن نقول : معرفة ، المعرفة والنكرة المقصودة ، ماذا يفعل بهما ؟
الطالب : يبنيان على ما يرفعان به .
الشيخ : يبنيان على ما يرفعان به ، طيب النكرة غير المقصودة ، والمضاف ، والمشبه بالمضاف ؟
الطالب : ينصبان .
الشيخ : تنصب ما هي ينصبان ، لأنها ثلاثة ، هذه الثلاثة تنصب ، والاثنان السابقان يبنيان على ما يرفعان به ، نعم قال :
" وشِبههُ انصِب عادمًا خِلافًا " : وش إعراب عادما ؟
الطالب : حال .
الشيخ : حال من فاعل انصب ، وخلافا ؟
الطالب : مفعول .
الشيخ : مفعول لعادم ، يعني كأن ابن مالك -رحمه الله- يقول : إن النحويين أجمعوا على ذلك ، أو العرب أجمعوا على ذلك ، على أن هذه الثلاثة تنصب .