تفسير قوله تعالى : (( وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون )) حفظ
الشيخ : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم قال الله تعالى: (( وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا )) الفاعل في ((لقوا)) يعود على المنافقين. و((الذين آمنوا)) يعني المؤمنين الخلص كالصحابة رضي الله عنهم. ((قالوا آمنا)) بألسنتهم فقط، لأن الله يقول في أول سياق الآيات: (( ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين )) فيقولون بألسنتهم آمنوا وهم كاذبون نشهد أنهم كاذبون كما قالوا للرسول عليه الصلاة والسلام نشهد إنك لرسول الله فقال الله تعالى: (( والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله)) ، ((وإذا خلوا إلي شياطينهم قالوا إنا معكم)) ((خلوا إلى شياطينهم)) قد يتبادر إلي الذهن أن يكون السياق وإذا خلوا مع شياطينهم أو خلوا بشياطينهم ولكن الآية جاءت: (( وإذا خلوا إلي شياطينهم)) فقيل: إن معنى الآية ((وإذا خلوا)) أي انفردوا عن المؤمنين راجعين إلي شياطينهم، وقيل: إن ((خلوا)) ضمنت معنى الرجوع، وهذا أصح وبناء على هذا القول الأخير لا تحتاج الآية إلى تقدير فيكون خلا مضمن معنى الرجوع وهذا من بلاغة القرآن واختصار الكلمات أن يضمن الفعل معنى فعل آخر يدل عليه متعلق هذا الفعل وله أمثلة: منها قوله تعالى: ((عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا)) العين ليس يشرب بها إنما يشرب بالإناء، فلماذا قال يشرب بها؟ قال العلماء: إن الباء بمعنى من، أي يشرب منها، وهذا قول الكوفيين، وقال أهل البصرة: بل إن يشرب ضمنت معنى يروى فهم يشربون ريا، وحينئذ يصح أن تتعدى بالباء. إذا (( إذا خلوا إلي شياطينهم )) أي رجعوا إلى شياطينهم فضمن ذلك معنى الرجوع. والشياطين جمع شيطان والمراد بهم أسيادهم الذين ينتمون إليهم، لأن المنافقين لهم أسياد كمثلا عبد الله بن أبي سيد في قومه يذهب قومه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وإلى الصحابة فيقولون نحن معكم فإذا رجعوا إليه وأمثاله قالوا: ((إنا معكم إنما نحن مستهزئون)) ((إنا معكم)) هذا إثبات لولايتهم له، لكن يحتاج مع الإثبات للولاية البراءة من المؤمنين، عبروا عن البراءة من المؤمنين بقولهم: ((إنما نحن مستهزئون)) مستهزئون بمن ؟ بالمؤمنين، وتأمل قولهم : ((إنا معكم)) تجدها جملة مؤكدة بإن، وتأمل قوله: (( إنما نحن مستهزئون)) تجدها جملة فيها الحصر يعني: ما نحن إلا مستهزئون أي ما حالنا مع الذين آمنوا إلا الاستهزاء فقط وليس لنا نية أن نؤمن.