بيان الفرق بين المثل الأول والمثل الثاني الذي ضربه الله للمنافقين. حفظ
لننظر الآن على أي شيء ينطبق هذا المثل؟ هذا المثل ينطبق على قوم منافقين لم يؤمنوا إطلاقا، لم يؤمنوا أصلهم منافقون وهم المنافقون اليهود، لأن المنافقين منهم عرب من الخزرج والأوس، ومنهم يهود من بني إسرائيل، اليهود لم يذوقوا طعم الإسلام أبدا لأيش؟ لأنهم كفار من الأصل، لكن أظهروا الإسلام خوفا من النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن أعزه الله في بدر، هؤلاء ليسوا على هدى كالأولين، الأولين استوقدوا النار وصار عندهم شيء من النور بهذه النار ثم والعياذ بالله انتكسوا، لكن هؤلاء من الأصل في ظلمات فيكون هذا المثل غير المثل الأول بل هو لقوم آخرين والمنافقون أصناف بلاشك، حال هؤلاء لم يدخلوا في الإسلام من الأصل فحالهم حال هؤلاء القوم الذين أصابهم الصيب وصارت حالهم إلى ما ترى، فلننظر ((الصواعق)) عبارة عن ما في القرآن من الإنذار والخوف ولهذا يقول الله عنهم في آية أخرى: (( يحسبون كل صيحة عليهم )) البرق نور الإسلام لكنه ليس نورا يستمر، نور البرق كما تعلمون أيش؟ ينقطع بلحظة وميزة فهؤلاء لم يدخلوا الإيمان في قلوبهم أصلا ولا فكروا في ذلك وإنما يرون هذا النور العظيم الذي شاع فينتفعون به لمجرد خطوة يخطونها فقط وبعد ذلك يقفون، كذلك أيضا ((يكاد البرق يخطف أبصارهم)) لأنهم لا يتمكنون من رؤية النور الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم بل لكبريائهم وحسدهم للعرب يكاد هذا البرق يعمي أبصارهم، لأنه قوي عليهم لا يستطيعون مدافعته ومقابلته، فالظاهر أن القول الراجح: أن هذين مثلان يتنزلان على صنفين من المنافقين .
طيب إذا قال قائل: صنف الأول كيف نقول أنه دخل الإيمان في قلوبهم؟ نقول نعم قال الله تعالى: (( ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون )) دخلهم الإيمان لكنه لم يتمكن في قلوبهم صاروا كالأعراب الذين قالوا آمنا فقال الله: (( قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا )) وإلا فإن الإيمان إذا دخل القلب دخولا حقيقيا مطمئنا الإنسان فيه فإنه لن يخرج منه بإذن الله، ولهذا سأل هرقل أبا سفيان عن أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام الذين يدخلون الإسلام:( هل أحد منهم ارتد عن دينه؟ فقال لا، قال هذا الإيمان إذا وقر في القلب فانه لا يخرج منه) لكن الإيمان الهش الذي لم يتمكن من القلب هذا هو الذي يخشي على صاحبه أجارني الله وإياكم .