تفسير قوله تعالى : (( الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولـئك هم الخاسرون )) وذكر فوائد ضمير الفصل حفظ
ثم قال الله تعالى : (( الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه )) ((من بعد ميثاقه)) أي العهد الذي بينهم وبين الله عزوجل، وهو الإيمان بالرسل إذا جاءتهم بالحق، فإن هذا مأخوذ على كل إنسان إذا جاء رسول مصدق ومصدق بما معه من الآيات فإن الواجب على كل إنسان أن يؤمن به، هؤلاء نقضوا عهد الله ولم يؤمنوا بالرسل ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل المراد أيش؟ من الأرحام؟ أو كل ما أمر الله به أن يوصل ؟ العموم الأرحام، ونصرة الرسل، ونصرة الحق، والدفاع عن الحق كل ما أمرنا أن نصله فإنه يدخل في هذه الآية : ((يقطعون ما أمر الله به أن يوصل )) (( ويفسدون في الأرض )) الإفساد في الأرض هنا المراد به الإفساد الحسي أو المعنوي ؟ المراد به الإفساد المعنوي والإفساد الحسي يتضمن الإفساد المعنوي لأنه عدوان وظلم، لكن المراد بالإفساد في الأرض هو إفسادها بالمعاصي، لأن المعاصي سبب للفساد بدليل؟ نعم بدليل قوله تعالى : (( ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس )) ولهذا قال العلماء السلف في قوله: (( ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها)) قالوا إفسادها بالمعاصي ،لأن المعاصي سبب لكل بلاء، قال الله تعالى: (( ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون))إذا يفسدون في الأرض بماذا ؟ بالمعاصي وهذا الإفساد إفساد معنوي يلحقه إفساد حسي، هم لا يأخذون الجرافات يقطعون الأشجار ويفسدون الزروع لا، لكنهم يفعلون ما يكون سببا لذلك.
(( أولئك هم الخاسرون)) ((أولئك هم الخاسرون)) جملة اسمية مؤكدة بمؤكد، أين هو ؟
الطالب:هم ضمير الفصل
الشيخ : أي نعم ضمير الفصل، لأن ضمير الفصل له ثلاث فوائد: الفائدة الأولى: التوكيد، والفائدة الثانية: الحصر، والفائدة الثالثة: إزالة اللبس بين الصفة والخبر، مثال ذلك تقول: زيد الفاضل، كلمة الفاضل يحتمل أن تكون خبرا، ويحتمل يا أيوب أن تكون وصفا، فتقول: زيد الفاضل محبوب إذا قلنا: زيد الفاضل محبوب، تعين أن تكون صفة، وإذا قلت زيد الفاضل، يحتمل أن تكون صفة وأن الخبر لم يأت بعد ويحتمل أن تكون خبرا، فإذا قلت: زيد هو الفاضل، تعين أن تكون خبرا نعم لوجود ضمير الفصل ولهذا سمي ضمير الفصل، ثانيا يفيد توكيد تقول: زيد هو الفاضل أكدت فضله ، وثالث: يفيد الحصر.
طيب هل له محل من الإعراب؟ الجواب لا، كما في قوله تعالى: (( لعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين)) ولو كان له محل من الإعراب لقال : فهم الغالبون، فهو ليس له محل من الإعراب لكن أتي به في الأسلوب العربي لهذه الفوائد الثلاث، وربما يضاف إليه اللام (( إن هذا لهو البلاء المبين )) فيكون في إضافة اللام إليه زيادة توكيد.
وقوله: (( الخاسرون )) الخاسر هو الذي فاته الربح، وذلك لأن هؤلاء فاتهم الربح الذي ربحه من ؟ الذي ربحه من لم ينقض عهد الله من بعد ميثاقه ومن لم يقطع ما أمر الله به أن يوصل .