فوائد الآية (( الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولـئك هم الخاسرون )) حفظ
في هذه الآية فوائد منها: أن نقض عهد الله من علامات الفسق، لقوله: ((الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه)) فكلما رأيت شخصا قد فرط في واجب أو فعل محرما فإن هذا نقض للعهد من بعد ميثاقه.
ومنها: التحذير من نقض عهد الله من بعد ميثاقه لأن ذلك يكون سببا للفسق.
ومنها أيضا: التحذير من قطع ما أمر الله به أن يوصل من الأرحام والأقارب وغيره، لأن الله ذكر ذلك في مقام الذم أي ذكر قطع الصلة في مقام الذم، وقطع الأرحام من كبائر الذنوب، لقول النبي صلى الله عليه وسلم :( لا يدخل الجنة قاطع) يعنى قاطع الرحم.
ومن فوائد الآية الكريمة: أن المعاصي والفسوق سبب لفساد الأرض، لقوله تعالى: (( ويفسدون في الأرض)) ولهذا إذا قحط المطر وأجدبت الأرض و رجع الناس إلى ربهم وأقاموا صلاة الاستسقاء وتضرعوا إليه وتابوا إليه أيش؟ أغاثهم الله، وقد قال نوح عليه السلام لقومه: ((فقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارً يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا))
فإن قال قائل: أليس يوجد في الأرض من هم صلحاء قائمون بأمر الله مؤدون لحقوق عباد الله ومع ذلك نجد الفساد في الأرض ؟ قلنا إن هذا الإيراد أوردته زينب رضي الله عنها على النبي عليه الصلاة والسلام حيث قال ( ويل للعرب من شر قد اقترب قالت: أنهلك وفيها صالحون: قال: نعم إذا كثر الخبث) كثر الخبث يحتمل أنه وصف للفاعل ووصف للفعل يعني إذا كثر الخبث حتى بين الصالحين، أو الخبث من الناس أجمعين، فمثلا إذا كثر الكفار في أرض كان ذاك سببا للشر والبلاء، لأن الخبث كثر، وإذا كثرت المعاصي كان ذلك سببا أيضا للشر والبلاء.
ومن فوائد الآية الكريمة: أن هؤلاء الذين اعترضوا على الله ونقضوا عهده وقطعوا ما أمر الله به أن يوصل وافسدوا في الأرض يظنون أنهم يحسنون صنعا، ولكنهم حقيقة هم الخاسرون الذين خسروا الدنيا والآخرة، قال الله تبارك وتعالى: (( قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيمة )) وقال تعالى: (( والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر )) جعلني الله وإياكم من هؤلاء.