تفسير قوله تعالى : (( هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماواتٍ وهو بكل شيءٍ عليمٌ )) حفظ
ثم قال الله عز وجل: (( هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا )) لما ذكر عزوجل أنه قادر على الإحياء والإماتة بين منته على العباد بأنه خلق لهم ما في الأرض جميعا، خلقه أوجده على غير مثال سبق، بل على ما اقتضته حكمته جل علا وعلمه، وقوله: ((لكم)) اللام لها معنيان هنا: المعنى الأول: الإباحة كما تقول أبحت لك، والمعنى الثاني: التعليل أي خلق لأجلكم ما في الأرض جميعا، وقوله: ((ما في الأرض)) هذه ما هذه اسم موصول تعم كل ما في الأرض فهو مخلوق لنا من الأشجار والزروع والأنهار والجبال كل شيء. (( ثم استوى)) يعني بعد أن خلق الله لنا جميعا ((استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات)) استوى إليها أي علا إليها هذا ما فسرها به ابن جرير رحمه الله وقيل: استوى إليها أي قصد إليها وهذا ما اختاره ابن كثير رحمه الله، فللعلماء في تفسير قوله استوى إلى قولان: الأول أن الاستواء هنا بمعنى القصد وإذا كان القصد تاما قيل: استوى، لأن الاستواء كله يدل على الكمال كما قال الله تعالى: (( ولما بلغ أشده و استوى )) أي كمل، فمن نظر إلى أن هذا الفعل عدي بإلى قال إن استوى هنا ضمن معنى قصد، ومن نظر إلى أن الاستواء لا يكون إلا في علو جعل إلى بمعنى على، لكن هذا ضعيف، لأن الله تعالى لم يستو على السماء أبدا وإنما استوى على العرش، فالأقرب أن الصواب ما ذهب إليه ابن كثير رحمه الله وهو أن الاستواء هنا بمعنى القصد التام والإرادة الجازمة. وقوله: ((إلى السماء)) أي العلو وكانت السماء دخانا أي مثل الدخان فسواهن سبع سماوات طباقا قوية متينة، (( وهو بكل شيء عليم )) ومن علمه عزوجل أنه علم كيف يخلق هذه السماء.