تتمه فوائد الآية (( وآمنوا بما أنزلت مصدقاً لما معكم ولا تكونوا أول كافرٍ به ولا تشتروا بآياتي ثمناً قليلاً وإياي فاتقون )) والكلام على اتخاذ الشهادات في العلوم الشرعية فهل يكونون ممن اشترى بآيات الله ثمنا قليلا. حفظ
ومن فوائد الآية التي بعدها (( ولا تلبسوا الحق بالباطل )): وجوب بيان الحق وتمييزه عن الباطل، فيقال: هذا حق وهذا باطل ولا يلبس على الناس، لقوله: (( ولا تلبسوا الحق بالباطل )) ومن لبس الحق بالباطل أولئك القوم الذين يوردون الشبهات إما على القرآن أو على أحكام القرآن ثم لا يحلونها لو أنهم وردون الشبهة ويحلونها لكان أهون مع أن إيراد الشبهة وإن حلت إذا لم تكن مشتهرة بين الناس ليس من المصلحة، انتبه لهذه النقطة إيراد الشبهة ولو حللتها إذا لم تكن مشتهرة بين الناس غلط، وذلك لأنك إذا فتحت الشبهة لم يكن عندك يقين أن تزيلها بما ذكرت من حلول، أحيانا ترد الشبهة على القلب وتورد الحلول لها لكن لا يطمئن الإنسان إلى هذه الحلول فتبقى الشبهة ولو سلم الإنسان منها لكان خيرا .
من فوائد الآية الكريمة : أنه ليس هناك إلا حق وباطل، حق وباطل، وإذا تأملت القرآن والسنة وجدت أن الأمر كذلك، قال الله: (( ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل )) قال الله تعالى: (( وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلل مبين )) وقال تعالى: (( فما ذا بعد الحق إلا الضلال )) وقال تعالى: (( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر )) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (القرآن حجة لك أو عليك ) ما في شيء لا حق ولا باطل، إما حق وإما باطل .
فإن قال قائل: أليس هناك مرتبة بين الواجب والمحرم وبين المكروه والمندوب وهو المباح ؟ قلنا بلى، لاشك في هذا، لكن المباح نفسه لابد أن يكون وسيلة إلى شيء، فإن لم يكن وسيلة إلى شيء صار من قسم الباطل كما جاء في الحديث :( كل لهو يلهو به ابن آدم فهو باطل إلا لعبه في سيفه في رمحه ومع أهله وفي فرسه) وهذه الأشياء الثلاثة إنما استثنيت لأنها مصلحة، كلها تعود إلى مصلحة.