تفسير قوله تعالى : (( الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم وأنهم إليه راجعون )) حفظ
يقول عز و جل :((الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم وأنهم إليه راجعون )) ((الذين يظنون)) أي يتيقنون والظن يستعمل في اللغة العربية بمعنى اليقين وله أمثلة كثيرة منها قول الله تبارك وتعالى: (( حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه )) ((ظنوا)) بمعنى أيقنوا، فالظن يستعمل بمعنى اليقين كما أن العلم يستعمل بمعنى الظن يعني يتعاكسان، فالعلم يستعمل بمعنى الظن كقوله تبارك و تعالى: (( يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار )) ((إن علمتموهن)) أي ظننتموهن، وإنما قلنا ذلك لأن ما في القلب لا يعلمه إلا الله، فلا يمكن الإطلاع عليه إلا بالقرائن والقرائن لا تفيد إلا الظن، والمهم أن الظن يستعمل بمعنى اليقين والعلم يستعمل بمعنى الظن ((يظنون أنهم ملاقوا ربهم)) أي يتيقنون أنهم سيلا قوا الله عزوجل وذلك في يوم القيامة كما قال تعالى في عموم الناس: (( يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه )) فلابد من ملاقاة الله، وقال النبي صلى الله عليه وسلم :( ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان) كل إنسان يكلمه الله ليس بينه وبينه ترجمان (فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم وينظر أشأم منه يعني عن يساره فلا يرى إلا ما قدم وينظر تلقاء وجهه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه فاتقوا النار ولو بشق تمر ) فكل إنسان سيلاقي ربه، لكن لاشك أن المؤمن سوف تناله البشارة في هذه الملاقاة كما قال الله تبارك و تعالى: (( واتقوا الله وعلموا أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين )) إذا نحن الحمد لله نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من المؤمنين ـ يعني لن نخاف من هذا اللقاء، لأن الله يقول: (( بشر المؤمنين)) معناها لا خوف عليهم، ولهذا يخلو الله بعبده المؤمن ويضع عليه كنفه يعني ستره فيقول : (عملت كذا عملت كذا عملت كذا فيقر ، فيقول الله تعالى إني قد سترتك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم). (( وأنهم إليه راجعون)) إليه راجعون يعني يوم القيامة أو إليه راجعون في جميع أمورنا ؟ الجواب نقول: إذا كانت الآية تحتمل المعنى الأعم فخذ بالمعنى الأعم، لأن كلام الله عزوجل معلوم عنده وعلم سبحانه وتعالى ما تتضمنه الكلمة وما يترتب عليها، ولذالك كان لازم كلام الله حقا، ولازم كلام النبي حقا، ولازم كلام غير الله ورسوله قد يكون حقا وقد يكون باطلا وقد يلتزم به المتكلم وقد لا يلتزم به (( وأنهم إليه راجعون )) أي يوم القيامة أو إن شئت فقل راجعون إليه في كل أمورهم .