تفسير قوله تعالى : (( وإذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم ....)) وذكر قصة موسى مع آل فرعون حفظ
ثم قال تعالي: (( وإذ نجيناكم من آل فرعون )) يعني اذكروا إذ نجينكم من آل فرعون . والخطاب لمن ؟ لبني إسرائيل بدليل قوله: ((من آل فرعون)) ((و نجيناكم)) أي خلصنكم منهم وأنقذناكم من عدوانهم وسيطرتهم.
وقوله: (( من آل فرعون)) يعني أتباعه حاشيته وزبانيته، الذين يأتمرون بأمره فيقتلون أبناء بني إسرائيل ويستحيون نساءهم .
وهل المراد كل أتباعه؟ أو أتباعه الذين يعاملونه معاملة القريب؟
الظاهر والله أعلم أنهم كل أتباعه، وأن رجال فرعون يفعلون ذلك، وكذلك آل فرعون أتباعه يعتدون على بني إسرائيل في مصر .
ثم قال: ((يسومونكم سوء العذاب)) أي يصيبونكم به، وسوء العذاب من باب إضافة الموصوف إلى صفته أي العذاب السييء أو الأسوأ، ثم بين هذا المجمل بقوله: ((يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم)) وفي آية أخرى: (( يسومونكم سوء العذاب ويذبحون أبناءكم )) وفي آية ثالثة: (( يسومونكم سوء العذاب يقتلون أبناءكم )) فتكون العقوبات بل فيكون العدوان من آل فرعون على بني إسرائيل على ثلاثة أوجه:
الوجه الأول: القتل بأي سبب برمي حجر، بخنق ،بكسر ظهر وما أشبه ذلك.
الثاني: التذبيح أن يأتوا بالإنسان من بني إسرائيل ويذبحونه بالسكين كما تذبح الشاة.
الثالث: أن يجمعوا بين سوء العذاب والذبح، يعني مثل أن يضربوهم، يعصروا بطونهم، يجرحوا شفاههم وما أشبه ذلك، ثم بعد ذلك الذبح، فيجمعون لهم بين أمرين، ولا تستغرب هذا وقع في هذه الأمة وأعني أمة الدعوة ما هو أعظم من ذلك وشر من ذلك، لكن المهم أن التعذيب والإجرام الذي يحصل من آل فرعون على بني إسرائيل هو هذه الأمور الثلاثة: ذبح ،وقتل وجمع بين الذبح وسوء العذاب.
وقوله: (( أبناءكم ويستحيون نسائكم )) لماذا سلطوا على الأبناء وأبقوا النساء ((يستحيون نسائكم)) يعني يستبقونهن وإلا حياتهن موجودة من قبل، لكن يستحيونهن أي يبقوهن على قيد الحياة، وأما الأبناء فيقتلون لماذا؟ قال بعض الإسرائيليين إنه قد قيل لآل فرعون إنه قد يولد من بني إسرائيل ولد يكون زوال ملككم على يده، فجعلوا يقتلون الأبناء خوفا من أن يظهر ذلك الولد فقال الله عزوجل بقوله القدري إن هذا الولد سيتربى في حضن فرعون، لأنه لما ولدته أمه أوحى الله إليها أن أرضعيه، فأرضعته اللبأ الذي لابد لكل مولود من رضاعته، وقال لها فإذا خفت عليه فألقه في اليم، ابنها ،أوحي.. لما خافت عليه امتثلت أمرالله ، جعلته في تابوت وألقته في اليم أي في البحر، وهذا من كمال إيمانها، ولكن الله قال: (( ولا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين)) فوقع في أيدي آل فرعون ((التقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا)) واللام هنا للعاقبة وليست للتعليل، لأن آل فرعون ما التقطوه لهذا الغرض إنما التقطوه فصار عدوا وحزنا، ثم ذكر الله عزوجل القصة ولينا بصدد سرد سياقها لأنها معروفة وليست معنا في هذه الليلة، المهم أن هذا ما قاله بعض العلماء بأخبار منقولة عن بني إسرائيل، لماذا؟ ما الذي قالوا ؟ لأيش يذبحون أبنائهم ويستحيون نساءهم
فقالوا نقتل الأبناء لأجل أن لا يخرج هذا الابن، ولكن هناك قول آخر قد يكون أشد وقعا وهو أنهم يذبحون الأبناء ويستحيون النساء من أجل أن يكون لهم تمام السيطرة، فتضعف الأمة وتضطر النساء إلى آل فرعون، وهذا غاية ما يكون من الإذلال، أن يستبيح أعراض حرمك من كان عدوا لك، وهذا غاية الإذلال، ولو صح ما قيل عن بني إسرائيل لقلنا يمكن أن يكون المراد هذا وهذا ، لكان يمكن أن يراد هذا وهذا .