فوائد الآية (( وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان لعلكم تهتدون ))، وبيان أن أفضل كتاب بعد القرآن هي التوراة. حفظ
قوله تعالى (( وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان لعلكم تهتدون )) يستفاد من ذلك: أن إنزال الله تعالى الكتب للناس من نعمه وآلائه وإلا لا؟ وهو من أكبر النعم، لأن الناس لا يمكن أن يستقلوا بمعرفة حق الخالق بل ولا حق المخلوق فلذلك نزلت الكتب تبيانا للناس
يستفاد منها أيضا: أن موسى عليه الصلاة والسلام نبي، لأن الله آتاه الكتاب.
يستفاد منه فضيلة التوراة، لأنه أطلق عليها اسم الكتاب، وأل هذه للعهد أيش؟ الذهني لما سبق لها ذكر، فدل هذا على أنها معروفة بين بني إسرائيل وأنه إذا أطلق الكتاب فهو للتوراة، ومن وجه آخر أيضا أن الله تعالى سماها الفرقان كما سمى القرآن الفرقان، لأن كلا الكتابين من أعظم الكتب، يعني أفضل الكتب بعد القرآن التوراة، ولهذا قال الله تعالى في سورة القصص: (( قل فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما )) يعني من التوراة والقرآن (( أتبعه إن كنتم صادقين)) فدل على أن التوراة أنها مشاركة للقرآن في كونها فرقانا، ولذلك كانت عمدة الأنبياء من بني إسرائيل ((يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء)).
ويستفاد من هذا رابعا: بيان عتو بني إسرائيل ،بيان عتو بني إسرائيل وطغيانهم، لأنه إذا كانت التوراة التي نزلت عليهم فرقانا ثم هم يكفرون هذا الكفر يدل على زيادة عتوهم وطغيانهم، إذ من نزل عليه كتاب يكون فرقانا كان يجب عليه بمقتضى ذلك أيش؟ أن يكون مؤمنا مذعنا خلافا لهم.
وفيها أيضا دليل: على أن الله تبارك وتعالى ينزل الكتب ويجعلها فرقانا لغاية حميدة جدا وهي الفائدة الخامسة وهي: الهداية لقوله: ((لعلكم تهتدون)) .
الفائدة السادسة: أن من أراد الهداية فليطلبها من الكتب المنزلة من السماء، ما يطلبها من الأساطير وقصص الرهبان وقصص الجهال والعباد وما أشبه ذلك بل إنها من الكتب المنزلة من السماء، فعلى هذا ما يوجد في كتب الوعظ من القصص عن بعض الزهاد والعباد وما أشبه ذلك نقول لكاتبيها وقارئيها: خير لكم أن تبدوا للناس كتاب الله وتبسطوه وتشرحوه وتفسروه بما ينبغي أن يفهم حتى يكون ذلك نافعا للخلق، لأنه ما فيه طريق للهداية إلى الله إلا الكتب المنزلة من عنده.
وفيها أيضا من الفوائد اللغوية: جواز عطف الصفة على الموصوف، لقوله: ((الكتاب والفرقان)) وقد مر علينا هذا ذكرنا له مثالا آخر في القرآن بل فيه أمثلة مثل: (( سبح اسم ربك الأعلى الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى والذي أخرج المرعى)) وهذا جائز بشرط أن لا يوهم خلاف المقصود، فإن أوهم خلاف المقصود بحيث يتوهم المخاطب أن الثاني غير الأول، فإنه يمتنع وتحذف حرف العطف، لئلا يظن أن الثاني هو الأول، كما أنه يجب أحيانا أن يكون بالعطف إذا أوهم أن هذه الصفة لغير الأول، إذا أوهم أن الصفة هذه لغير الأول وجب حرف العطف نعم؟ مثلا تقول: مررت بزيد الضارب عمروا والكريم وإلا تقول الكريم؟ مررت بزيد الضارب عمرا أي مررت بزيد الضارب المجرم الكريم ويش تقول ؟ تقول والكريم تأتي بالواو، لأنك إذا تقول الضارب المجرم الكريم أوهم أن الكريم وصف للمجرم، فتقول: الضارب المجرم والكريم، يعني وهو أيضا الكريم، لا ما هو ضارب كريم هو كريم ما هو ضارب المجرم الكريم،لا ، فالمهم صار الآن عطف الصفة على الموصوف جائز وقد يجب أحيانا وقد يمتنع أحيانا، متى يمتنع؟ إذا أوهم التعدد بحيث يظن أن الثاني لا يعود للأول، ويجب العطف إذا أوهم خلاف المقصود فإنه يجب العطف، لئلا يظن أن هذا الوصف تابع للثاني لا للأول . كم فائدة؟
الفائدة الثامنة: إثبات الأسباب، من أين نأخذه ؟ من قوله: ((لعلكم تهتدون)) آتاه الكتاب لأجل أن يهتدوا، فإذا الهداية لها سبب، الأسباب لاشك في ثبوتها ولا أحد ينكر الأسباب أبدا.
ويستفاد من هذا أيضا: أن الإتيان المضاف إلى الله سبحانه وتعالى يكون كونيا ويكون شرعيا، فإيتاء الكتب نعم؟ شرعي ولا كوني؟ شرعي، وإيتاء المال كوني (( وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة )) فالإتيان كوني. السائل :شيخ الإيتاء أو إتيان؟
الشيخ : نعم الإيتاء كوني الإيتاء نوعان: شرعي وكوني، لقوله: ((وآتينا موسى الكتاب)) وفيها أيضا: ذكر فضل موسى الذي تقدم وأنه نبي فضله وأنه نبي.