فوائد الآية (( وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون )) حفظ
طيب ثم قال تعالى: (( وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون ثم بعثناكم من بعد موتكم )) هنا يذكرهم الله تبارك وتعالى بنعمته عليهم، لكن لا بكونهم قالوا هذا القول ثم صعقوا، ولكن بأنهم بعثوا من بعد الموت.
ففيه: أنه عند تذكير النعم ينبغي استيعاب الأمر استيعاب الموضوع لتتبين النعم وما يوقرها.
وفيه أيضا دليل على سفاهة هؤلاء، أي سفاهة بني إسرائيل، وما أكثر ما يدل على سفاهتهم، فهم المؤمنون بموسى ومع ذلك قالوا: (( لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة)) فسبق لنا أن العلماء اختلفوا متى قالوا هذا .
وفيه أيضا دليل على أن من سأل ما لا يمكن فهو حري بالعقوبة، لقوله: ((فأخذتكم الصاعقة)) لأن الفاء تدل على السببية.
وفيه: أقول إنه من سأل ما لا يمكن فهو حري بالعقوبة لا سيما مثل حال هؤلاء الذين قالوا ذلك عن تشكك، ففرق بين قول موسى: (( رب أرني أنظر إليك )) وبين قول هؤلاء: (( لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة)) فموسى قال ذلك شوقا إلى الله عزوجل، وليتلذذ بالرؤية إليه، أما هؤلاء فقالوه تشككا يعني ما نحن مؤمنين إلا إذا رأيناه جهرة، ففرق بين الطلبين.
وفيه أيضا دليل على قدرة الله في أخذ الصاعقة لهؤلاء في آن واحد.
وفيه دليل على أن ألم العقوبة وقعها عند النظر أشد، لقوله: ((وأنتم تنظرون)) فإن الإنسان إذا رأى أن الناس يتساقطون في العقوبة ـ والعياذ بالله ـ يكون ذلك أشد وقعا عليه.