تفسير قوله تعالى : (( وضربت عليهم الذلة والمسكنة )) حفظ
قال: (( وضربت عليهم الذلة والمسكنة )) ضربت عليهم شف الآن فيه التفات (( وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد)) إلى آخرها. ثم قال: ((وضربت عليهم )) إذا الكلام مستأنف الآن، خبر من الله سبحانه وتعالى عن بني إسرائيل أنه ضربت عليهم الذلة والمسكنة، ((الذلة)) هذا في الشجاعة أذلة ما يقابلون عدوا وقد قال الله تعالى: (( لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر )) والمسكنة فقراء يعود إلى الفقر، فليس عندهم شجاعة وليس عندهم غنى،لا كرم بالمال ولا كرم بالنفس، الشجاعة ويش شيء كرم بأي شيء ؟ بالنفس يجود الإنسان بنفسه لإعلاء كلمة الله، والكرم جود بالمال، هم والعياذ بالله ما حصل لهم هذا ولا هذا بل العكس ضربت عليهم الذلة فلا شجاعة عندهم، والمسكنة فلا جود لهم ولهذا ما يوجد أمة أفقر من اليهود ولا أفقر أفقر قلبا ما هو مالا، الأموال كثيرة لكن قلوبهم فقيرة وهذا أوجب لهم أن المال يكثر لديهم، لأنهم لا زالوا مثل النار التي في الحطب اليابس تلتهم تلتهم نعم؟ هم وصفوا بهذا الوصف ضربت عليهم. وقوله: (( ضربت عليهم )) هذا من باب ما يسمونه بالاستعارة المكنية، إن صح أن نقول إنه كلام مجاز، كأنه جعلهم بمنزلة السكة النقط الذي يضرب عليه الطابع، فكأن هذه الذلة والمسكنة كأنها صارت طابعا عليهم لا تفارقهم كما لا يفارق الطابع السكة، لأن الذهب والفضة الدينار والدرهم مطبوعة عليهم الطبع، ولهذا يقال ضرب الدرهم وضرب الدينار يعني ضرب عليه بالطابع الذي يختم فيه وكل دوله تختم على نقودها ما ترى مناسبا لسياستها فهذه الذلة والعياذ بالله عليهم مضروبة وكذالك المسكنة.