تفسير قوله تعالى : (( ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤوفٌ بالعباد )) ومناسبة هذه الآية لما قبلها، والكلام على ترتيب القرآن وأنه إذا ذكر أهل الجحيم يذكر بعده أهل النعيم وإذا ذكر الكفار ذكر بعدهم المؤمنين وهكذا. حفظ
ما ذكر حال المنافقين الذين يعجبك قولهم في الحياة الدنيا وهم ألد الخصام ، (( والذين إذا تولوا سعوا في الأرض فسادا فأهلكوا الحرث والنسل والله لا يحب الفساد )) ذكر حال قوم على ضدهم، وهكذا القرآن كما تقدم لنا مرارا القرآن مثاني تثنى فيه الأمور ، فيأتي بذكر الجنة مع النار، وبذكر المتقين مع الفجار ، وهكذا لأجل أن يبقى الإنسان في روضة متنوعة ما يخل ولا يمل ، ثم ليبقى الإنسان بين الخوف والرجاء ، الخوف إذا رأى النار ووعيدها وعقوبتها ، والرجاء إذا رأى الجنة ونعيمها وثوابها ، ثم يبقى ينظر إلى حال الناس جميعا أهل الخير وأهل الشر كأنهم أمامه كمرآة ، بخلاف ما لو كانت السياقات واحدة ثم انتهى الكلام عن أحوال هؤلاء كلهم ثم الكلام في أحوال الآخرين ، فترتيب القرآن لاشك أنه من لدن حكيم خبير ، وأنه موافق لإصلاح القلوب ، ولهذا نرى أنه ليس من المستحسن بل إنه من الذي رأى أنه محرم هؤلاء الذين جمعوا آيات القرآن بمتناسبة جمع بعضها إلى بعض كما يوجد في تفسير الآيات القرآن الحكيم الذي كتب المفهرس لآيات القرآن ، المعجم المفهرس ، لكنه كتب كتاب آخر تفسير آيات القرآن الحكيم وجمع آيات التوحيد جميعا وآيات الصلاة جميعا وآيات الزكاة جميعا وآيات المتقين جميعا إلى آخره ، وقرآن مصحف لكنه مرتب لحسب المعاني هذا الذي حصروها لا يليق ونرى أنه إلى التحريم أقرب لأنه إخراج لكتاب الله سبحانه و تعالى عن ترتيبه الذي كان عليه، والترتيب اجتهادي ولا توقيفي ؟ توقيفي ، هنا (( ومن الناس من يعجبك )) ثم قال: (( ومن الناس من يشري نفسه )) .