تفسير قوله تعالى : (( هل ينظرون إلا يأتيهم الله في ظلل من الغمام )) وذكر معاني كلمة نظر، وإثبات صفة الإتيان لله عز وجل والرد على أهل البدع في تأويلهم هذه الصفة وقالوا معناه: يأتيهم أمر الله
حفظ
ثم قال: (( هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الأمر وإلى الله ترجع الأمور )) ينظرون أي المكذبون الذين زلوا من بعد ما جاءتهم البينات ، (( هل ينظرون )) هل استفهام بمعنى النفي ، أي ما ينظرون ، وينظرون بمعنى ينتظرون ، وتأتي بمعنى النظر بالعين ، فإن عديت بإلى فهي النظر بالعين وإن لم تعد فهي بمعنى الانتظار ، مثال المعدات بإلى قوله تعالى: (( لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيمة ولا يزكيهم )) ومثل قوله صلى الله عليه وسلم : ( ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيمة ولا يزكيهم ) ومثل قوله تعالى: (( وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة )) الأولى بالضاد ناضرة ، الثانية بالظاء ، لأن الأولى الناضرة هي الحسنة والثانية من النظر بالعين ، أما التي لا تتعدى بإلى فهي بمعنى ينتظرون مثل هذه الآية: (( هل ينظرون إلا أن يأتيهم )) أي ما ينتظر هؤلاء إلا أن يأتيهم ، ومثل قوله تعالى: (( يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا )) يعني انتظرنا . (( إلا أن يأتي الله في ظلل من الغمام )) هل معنى الآية: (( يأتيهم الله في ظلل) ) يعني تأتيهم الظلل من الله ؟لا ، كما لو قلت إلا أن يأتيهم الله بعذاب من عنده ؟ مثل (( ونحن نتربص بكم أن يأتيكم الله بعذاب من عنده أو بأيديهم )) هل هي مثل هذه الآية ؟ لا، لأنها عديت بفي (( إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام)) فلم يكون المعنى أن يأتيهم ظلل من الله،لا ، وقوله: (( أن يأتيهم الله )) أضاف الفعل إلى الله وهو على جادة أهل السنة والجماعة على ظاهره وحقيقته أي أن الله نفسه يأتي ، يأتي ، وأما أهل التحريف فيقولون إن معناه أن يأتيهم أمر الله في ظلل من الغمام ، وهذا تحريف للقرآن عن ظاهره بغير دليل إلا بدليل زعموه عقليا وهو وهمي وليس عقليا ، فنحن نقول الذي نسب فعل الإتيان إليه من هو؟ الله عز وجل ، وهو أعلم بنفسه، وهو يريد أن يبين لعباده أو يضلل عباده ؟ أن يبين حاشاه أن يضلل عباده، (( يبن الله لكم أن تضلوا )) ، طيب إذ كان الله يريد أن يبين وهو أعلم بنفسه فهل في كلامه عي وعجز عن التعبير بما في نسفه ؟ لا ، هذا كلامه فيه نقض في غاية ؟لا ، إذا فكلامه في غاية ما يكون من علم ، وغاية ما يكون من الهدى، وغاية ما يكون من الفصاحة والبلاغة ، فهل بعد ذلك يمكن أن نقول إنه لا يريد به ظاهره ؟ أبدا لا يمكن إلا إذا قال الله هو عن نفسه إنه ما أراد ذلك فنعم . قال: (( هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام )) أي ما ينتظر المكذبون للرسول صلى الله عليه وسلم إلا هذا اليوم الذي هو يوم القيمة، وهو الذي يأتي فيه الله عز وجل للفصل بين عباده نعم، يقول: ((إلا أن يأتيهم الله)) هنا يأتي فعل مضارع والفاعل الله وهو الفعل هنا مضاف إلى من؟ الله، يعني مضاف بالمعنى ما هو مضاف بالإعراب، فالفعل مضاف إلى الله (( إلا أن يأتيهم الله )) وكل شيء أضافه الله إلى نفسه فالمراد به حقيقة ذاته ، (( استوى على العرش )) يعني بذاته، استوى فعل ماض يعود على الله ، ينزل إلى السماء الدنيا ؟ بذاته ، مادام أضيف إلى الله فالمراد هو ذاته سبحانه وتعالى ، وكذلك يضحك يعني هو ، يعجب هو ، يأتي هو ، يمشي هو نعم ؟ يأتي هرولة أتيته هرولة وهكذا ، فكل شيء أضافه الله إلى نفسه فالمراد إليه ذاته ، إلا إذ قام الدليل أن المراد غيره مثل ما جاء في الحديث الصحيح : ( عبدي جعت فلم تطعمني أو استطعمتك فلم تطعمني ) فهذا بين الله عز وجل أن المراد استطعام ، استطعام أحد من عباده، من عباده الصالحين .