تفسير قوله تعالى : (( يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خيرٍ )) وإعراب الآية، وهل الجواب مطابق للسؤال حفظ
ثم قال الله تعالى: (( يسألونك ماذا ينفقون )) هذا مبتدأ درس الليلة: (( يسألونك ماذا ينفقون )) نشوف (( يسألونك )) الجملة فعل وفاعل ومفعول به ، ويسألون فعل ، والواو فاعل ، الكاف مفعول به ، والضمير في قوله: (( يسألونك )) يعود على من ؟ على الصحابة رضي الله عنهم ، وقوله: (( ماذا ينفقون )) ما اسم استفهام ، وذا اسم موصول ، وجملة تنفقون صلة الموصول ، وعلى هذا نقول: ما اسم استفهام مبتدأ ، وذا اسم موصول خبره، وينفقون صلة الموصول والعائد محذوف ، والتقدير: ماذا ينفقونه، هذا إذا لم تلغى ذا ، فإن ألغيت صار هناك إعراب آخر ، وهو نقول: ماذا اسم استفهام مبني على السكون في محل نصب مفعولا مقدما لقوله: ينفقون، وينفقون فعل مضارع ، والفاعل هو الواو ، والمفعول هو ما سبق عرفتم ؟ نعم ، طيب المعنى لا يختلف على الإعرابين ، والسؤال سألوا ما الذي ينفقون ويش ينفقون ؟ هل ينفقون طعاما ، هل ينفقون ثيابا ، هل ينفقون دراهم ماذا ينفقون ؟ السؤال هنا عن المنفق لا عن المنفق عليه ، طيب عن المنفق عن جنسه أو عن قدره أو عن الأمرين جميعا ؟ الظاهر عن الأمرين جميعا عن الجنس والقدر قال الله تعالى: (( قل ما أنفقتم من خير فللوالدين هذا الجواب ، (( ما أنفقتم )) ما هذه موصولة وإن شئت فاجعلها شرطية ، و (( فللوالدين )) إن جعلت ما موصولة فهي الخبر وإن جعلتها شرطية جواب الشرط ، (( ما أنفقتم من خير فللوالدين )) قد يبدوا للإنسان في أول الوهلة أن الله سبحانه وتعالى أجابهم عن ماذا ينفقون فيه ، لا عن ماذا ينفقون ، عن ماذا ينفقون فيه ، يعني أنه قال: (( ما أنفقتم من خير فللوالدين )) لأن حقيقة الأمر أن الشأن كل الشأن أن يكون إنفاقك في محله، فأنت لا تهتم ماذا تنفق ، اهتم أين تنفق ، ولا لا؟ بعض الناس ينفق في الشر ، وبعض الناس ينفق في شيء لا خير فيه ولا شر ، وبعض الناس ينفق في الخير (( فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل )) أقول قد يبدوا للإنسان من أول وهلة أن الجواب وقع على غير وفق السؤال ، لأن السؤال عن أيش؟ (( ماذا ينفقون )) ، وجاء الجواب: (( فللوالدين )) ، فهل هذا يكون من باب أسلوب الحكيم المعروف في البلاغة حيث كان هذا الجواب بهذه الصيغة إشارة إلى أنه كان ينبغي أن تسأل على من تنفق هكذا يبدوا ، ولكنك عند التأمل يتبين لك أن الله عزوجل أجاب عن السؤال جوابا مطابقا وزاد عنه أو زاد عليه ، لأن الجواب عن السؤال يفهم من قوله: (( ما أنفقتم من خير )) من خير، إذا فما الذي ينفق ؟ الخير ، الخير هو الذي ينفق ، ومادام الذي ينفق الخير فقد يكون الخير في الطعام ، وقد يكون الخير في الثياب ، وقد يكون الخير في الفرش ، وقد يكون الخير في الدراهم يختلف ولا لا ؟ لو جئت إلى إنسان مضطر جائع ، جائع سيموت إن لم تطعمه وعار ما عليه ثياب أبدا فما الخير هنا ؟ الثياب ولا الطعام ؟ الطعام ، معروف ابدأ بالطعام أول خير من الثياب ، ولو جئت لإنسان لم يصل إلى حد الضرورة إلى الأكل لكنه في ضرورة إلى الثياب لأن الجو بارد وليس عليه إلا ثوب رقيق فما هو الخير حينئذ ؟ الثياب ، بالثياب واضح ؟ نعم ، إذا يكون الله عزوجل قد أجاب عن ماذا ينفقون بقوله: (( ما أنفقتم من خير )) وزاد على الجواب بذكر المنفق عليه في قوله: (( فللوالدين )) . قد تقول: إن الزيادة على السؤال إسهاب وتطويل؟ فنقول إنه إذا كانت الزيادة مما تدعوا الحاجة إليه ويقتضيه حال السائل فليست إسهابا ولا تطويلا بل هي من تمام الجواب ، ولهذا لما سئل الرسول عليه الصلاة والسلام عن ماء البحر متوضأ به ويش قال ؟ قال: ( هو الطهور مائه الحل ميتته ) مع أنه ما سئل الميتة ، ما سئل عن الحوت والسمك ، قال: ( الطهور مائه الحل ميتته ) لأن راكب البحر يحتاج إلى ذلك .