تفسير الآية : (( ....إن الذي كفروا بآيات الله لهم عذاب شديد والله عزيز ذو انتقام )). حفظ
ولما ذكر الله سبحانه وتعالى منته على عباده بإنزال هذه الكتب العظيمة قال : (( إن الذين كفروا بآيات الله )) يعني بعد إنزال هذه الكتب الواضحة الهادية المفرقة انقسم الناس إلى قسمين : قسم آمن ، وقسم كفر، فذكر الله حكم الكافر وبذكر حكم الكافر يتبين حكم المؤمن قال : (( إن الذين كفروا بآيات الله لهم عذاب شديد )) هذه الجملة مكونة من مبتدأ وخبر وجملة كبرى وجملة صغرى، أو لا؟ مبتداء وخبر، جملة صغرى وجملة كبرى ، يلا يا شميل وين المبتدأ والخبر ؟ وفيها أيضا من مبتدأ وخبر منسوخ و مبتدأ وخبر غير منسوخ ، وجملة صغرى وجملة كبرى يلا ؟ أين الخبر المنسوخ ؟ خبر المنسوخ ؟ أي نعم ، المبتدأ والخبر المنسوخ ؟
الطالب : (( بآيات الله )) بآياتي ؟
الشيخ : لا ،
الطالب : منسوخ يعني محذوف ؟
الشيخ : لا منسوخ يعني دخل عليه الناسخ و النواصب ثلاثة: إن ، وكان ، وظن ، نعم يا فيصل ؟ جملة (( لهم عذاب شديد )) جملة خبر إن ، إن ناسخة، منسوخة ،
الطالب : (( إن الذين كفروا لهم عذاب شديد )) ،
الشيخ : (( لهم عذاب شديد )) هذه أيش؟ جملة منسوخة وإلا غير منسوخة ؟ يعني أجزائها ؟ أجزائها منسوخة وإلا غير منسوخة ؟
الطالب : غير منسوخة ،
الشيخ : غير منسوخة طيب زين ، هذه الجملة الاسمية غير المنسوخة . طيب عبد الرحمن ؟وجملة (( لهم عذاب شديد )) هذه جملة منسوخة أحسنت طيب . أما الإعراب فنقول : إن حرف توكيد ونصب ، الطالب : لا يا شيخ ،
الشيخ : خطأ ؟ لأيش ؟ نقول: إن حرف توكيد ينصب المبتدأ ويرفع الخبر ، (( والذين )) اسمها مبني على الفتح في محل النصب و (( كفروا )) فعل وفاعل لا محل له من الإعراب لأنه صلة الموصول ، و (( بآيات الله )) جار ومجرور ومضاف إليه، متعلق بأيش؟ بكفر، و(( لهم عذاب شديد )) (( لهم )) خبر مقدم ، و(( عذاب )) مبتدأ مؤخر ، و(( شديد )) صفة له ، والجملة : في محل رفع خبر إن . يقول الله عز وجل: (( إن الذين كفروا بآيات الله )) (( كفروا )) يقال: إن أصل الكفر من الستر ، ويطلق على الجحد ، لأن الجاحد ساتر ، فـ (( كفروا بآيات الله )) أي جحدوا بها وأنكروها ، وقلنا : إن الكفر من الستر لأن منه الكفرة ، تعرفون الكفرة ؟ الكفرة وعاء التلع ، تلع النخل ، أتعرفون تلع النخل ؟ فيه الخلاف يسمى كفرة ، وفي اللغة العامية يسمى كافور، تجدونه يستر التلع، فالكافر بحقيقة ساتر، أي جاحد للحق ، مخفي له .وقوله : (( كفروا بآيات الله )) آيات جمع آية وهي العلامات الدالة على الله عز وجل ، على وجوده ، وعلى كماله الذاتي ، وكاله الفعلي ، وهي أي الآيات نوعان : آيات كونية ومنها : السموات ، والأرض، والشمس، والقمر، والنجوم ، والجبال ، والشجر ، والدواب ، والإنسان ، واختلاف اللغات، واختلاف الألوان، والنوم ، واليقظة ، وأشياء كثيرة ، هذه آيات كونية ، آيات شرعية وهي: الوحي المنزل على الرسل . فإذا قيل: ما وجه ذلك؟ قلنا: أما الآيات الكونية فوجه كونها آية أنه لا يستطيع أحد أن يفعل مثل فعل الله عز وجل أبدا ، قال الله: (( إن الذين تدعون من دون الله )) كل الذين تدعون من دون الله (( لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له )) لا يخلقون ذبابا ، وهل يخلقون جملا ؟ لا من باب أولى ، فهم لا يخلقون ذبابا ، ولا جملا ، ولا بعوضا ، ولا غير ذلك ، لا يستطيعون أن يخلقوا هذا أبدا ، هل يستطيع أحد أن يذهب بالنهار إذا جاء ؟ لا ، هل يستطيع أحد أن يأتي بالليل إذا جاء النهار؟ أبدا، إلا الله عز وجل ، إذا فهذه الآيات الكونية من آيات الله عز وجل ، لأنه لا يستطيع أحد أن يأتي بمثلها ، الآيات الشرعية هي أيضا من آيات الله ، وجه ذلك: أنه لا يستطيع أحد بمثل شرع الله في هداية الخلق وإصلاحه أبدا ، لو اجتمع جميع مفكري العالم ليأتوا بدستور يصلح الخلق كما يصلحه ما جاء في الوحي ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا ، (( قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا )) ، لكن يا إخواني الآيات الكونية قد يعقلها كثير من الناس ، لأنها آيات محسوسة مشهودة ، حتى الكافر تقول له تستطيع تخلق الذباب ؟ يقول ما أستطيع ، أما الآيات الشرعية فليس كل أحد يدركها ، ليس كل أحد يدركها ، قال الله تعالى: (( كلا إن كتاب الفجار لفي سجين وما أدراك ما سجين كتاب مرقوم ويل يومئذ للمكذبين الذين يكذبون بيوم الدين وما يكذب به إلا كل معتد أثيم إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين )) لا يتبين له أنها آيات ـ والعياذ بالله ـ، لماذا ؟ قال الله تعالى مكذبا لقوله : (( كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون )) فالإنسان إذا اجتمعت الذنوب على قلبه ـ نسأل الله أن يطهرنا وإياكم منها ـ إذا اجتمعت الذنوب على قلبه صار لا يرى الحق حقا ولا الباطل باطلا ، عمي ـ والعياذ بالله ـ يتلى عليه القرآن فيقول: هذه أساطير الأولين ليس كلام رب العالمين ، ولهذا نقول : الآيات الشرعية هي التي فيها الامتحان والابتلاء ، ومن ثم لم ينكر أحد الربوبية ، ربوبية الله، كل يقر بأن الله رب العالمين وأنه الذي خلق السموات والأرض ، لكن الآيات الشرعية أنكرت أو لا ؟ نعم ، قريش إذا سئلوا من خلق السموات والأرض قالوا: الله ، لكن قالوا في القرآن إنه كهانة، والشعر، والسحر ، وما أشبه ذلك ، المهم أن قوله: (( إن الذين كفروا بآيات الله )) يشمل الآيات الكونية والشرعية، وبيننا وجه كون كل منها آية . يقول: (( لهم عذاب شديد )) (( العذاب )) هنا بمعنى العقوبة ، و(( الشديد )) القوي قوي، يعني العقوبة قوية ـ والعياذ بالله ـ ، وقد ذكر الله في القرآن وذكر نبي الله صلى الله عليه وسلم في السنة أصنافا وأنواعا من هذا العذاب تقشعر منه الجلود وتوجل منه القلوب ، قال الله تبارك وتعالى: (( إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاث بماء كالمهل يشوي الوجوه )) (( وإن يستغيثوا )) ولا يستغيثون إلا لشدة الحر والظمأ ، إذا استغيثوا يؤتون بماء يشوي الوجوه ، أذا أقبلوا به إلى أفواههم ليشربوه شوا وجوههم ـ والعياذ بالله ـ قال الله تعالى: (( بئس الشراب )) هذا شرابهم ، وقال الله سبحانه وتعالى: (( إن شجرة الزقوم طعام الأثيم كالمهل يغلي في البطون كغلي الحميم )) شف هذا طعامهم ، لباسهم : (( سرابيلهم من قطران )) ، مقرهم وهوائهم : (( يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزا حكيما )) . والسنة مملوءة بذكر أصناف العقاب الذي يعاقب به هؤلاء فهو عذاب شديد ، لأهله الصراخ والعويل ، فهم يصطرخون فيها (( ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل )) فيقال لهم توبيخا: (( أولم نؤمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم من نذير فذوقوا فما للظالمين من نصير )) هذه يا إخواني حقائق ، حقائق نحن إن شاء الله تعالى في الإيمان بها كأنها مشاهدة عندنا بل أعظم ، ولهذا قال: (( لهم عذاب شديد )) . (( والله عزيز ذو انتقام )) (( عزيز )) من العزة وهي ثلاثة أصناف: عزة القدر، وعزة القهر، وعزة الامتناع ، عزة القدر بمعنى:أن الله ذو قدر شريف عظيم، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( السيد الله ) هذه عزة القدر، عزة القهر: أنه قاهر لكل شيء لا يغلب بل هو الغالب، قال الله تعالى: (( وهو القاهر فوق عباده )) وقال الشاعر الجاهلي :
أين المفر والإله الطالب والأشرم المغلوب ليس الغالب
فالله سبحانه وتعالى غالب على كل شيء، عزة الامتناع: أي أنه عزوجل يمتنع أن يناله سوء أو نقص، ومن هذا المعنى قولهم: هذه أرض عزاز، أي صلبة قوية ما تؤثر فيها المعاوي ، ونحن نقول في لغتنا: عزا، يعني شديدة صلبة ، إذا فمعنى (( عزيز )) أي ذو العزة، والعزة كم قسما ؟ ثلاثة أقسام: عزة القدر، وعزة القهر، وعزة الامتناع ، ولهذا الذي يفسر العزيز بالغالب فقط نقول : إن تفسيره قاصر، بل هو يشمل المعاني الثلاثة . وقوله: (( ذو انتقام )) أي صاحب انتقام ، والانتقام أخذ المجرم بإجرامه ، تقول: انتقمت من زيد، يعني أخذت بحقي منه ، فأخذ المجرم بإجرامه يسمى إجراما ، كما قال الله تعالى: (( إنا من المجرمين منتقمون )) وهنا قال: (( ذو انتقام )) ولم يقل: ذو الانتقام، وفي الرحمة قال: (( وربك الغفور ذو الرحمة )) ولم يقل: ذو رحمة، وإن كان قال في آية أخرى: (( وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم )) ، لأن الانتقام ليس من أوصاف الله المطلقة، وليس من أسماء الله المنتقم ، ليس من أسماء الله المنتقم وليس من أوصاف الله المطلقة الانتقام ، بل المنتقم لا يوصف الله به إلا مقيدا، فيقال: المنتقم من المجرمين ، كما قال تعالى: (( إنا من المجرمين منتقمون )) أما (( ذو انتقام )) فهي لا تعطي الانتقام المطلق ، لأن الانتقام نكرة فلا تعطي المعنى على الإطلاق ، يعني له انتقام ، انتقام من من ؟ مقيد وإلا مطلق ؟ مقيد ، انتقام من المجرمين ، انتبه ! وبهذا نعرف أن الأسماء المسرودة في الحديث الذي رواه الترمذي لا تصح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، لأنه ذكر فيها من أسماء الله المنتقم وهذا لا يصح ، وحذف من أسماء الله ما ثبتت به الأحاديث ولم يذكر فيها مثل: الشافي ، والرب ، الرب أيضا حذف منها، فالمهم أن الله قال: (( ذو انتقام )) ولم يقل: ذو الانتقام ، ولم يصف نفسه بالمنتقم إلا مقيدا. نأخذ الآن الفوائد ؟
الطالب : (( بآيات الله )) بآياتي ؟
الشيخ : لا ،
الطالب : منسوخ يعني محذوف ؟
الشيخ : لا منسوخ يعني دخل عليه الناسخ و النواصب ثلاثة: إن ، وكان ، وظن ، نعم يا فيصل ؟ جملة (( لهم عذاب شديد )) جملة خبر إن ، إن ناسخة، منسوخة ،
الطالب : (( إن الذين كفروا لهم عذاب شديد )) ،
الشيخ : (( لهم عذاب شديد )) هذه أيش؟ جملة منسوخة وإلا غير منسوخة ؟ يعني أجزائها ؟ أجزائها منسوخة وإلا غير منسوخة ؟
الطالب : غير منسوخة ،
الشيخ : غير منسوخة طيب زين ، هذه الجملة الاسمية غير المنسوخة . طيب عبد الرحمن ؟وجملة (( لهم عذاب شديد )) هذه جملة منسوخة أحسنت طيب . أما الإعراب فنقول : إن حرف توكيد ونصب ، الطالب : لا يا شيخ ،
الشيخ : خطأ ؟ لأيش ؟ نقول: إن حرف توكيد ينصب المبتدأ ويرفع الخبر ، (( والذين )) اسمها مبني على الفتح في محل النصب و (( كفروا )) فعل وفاعل لا محل له من الإعراب لأنه صلة الموصول ، و (( بآيات الله )) جار ومجرور ومضاف إليه، متعلق بأيش؟ بكفر، و(( لهم عذاب شديد )) (( لهم )) خبر مقدم ، و(( عذاب )) مبتدأ مؤخر ، و(( شديد )) صفة له ، والجملة : في محل رفع خبر إن . يقول الله عز وجل: (( إن الذين كفروا بآيات الله )) (( كفروا )) يقال: إن أصل الكفر من الستر ، ويطلق على الجحد ، لأن الجاحد ساتر ، فـ (( كفروا بآيات الله )) أي جحدوا بها وأنكروها ، وقلنا : إن الكفر من الستر لأن منه الكفرة ، تعرفون الكفرة ؟ الكفرة وعاء التلع ، تلع النخل ، أتعرفون تلع النخل ؟ فيه الخلاف يسمى كفرة ، وفي اللغة العامية يسمى كافور، تجدونه يستر التلع، فالكافر بحقيقة ساتر، أي جاحد للحق ، مخفي له .وقوله : (( كفروا بآيات الله )) آيات جمع آية وهي العلامات الدالة على الله عز وجل ، على وجوده ، وعلى كماله الذاتي ، وكاله الفعلي ، وهي أي الآيات نوعان : آيات كونية ومنها : السموات ، والأرض، والشمس، والقمر، والنجوم ، والجبال ، والشجر ، والدواب ، والإنسان ، واختلاف اللغات، واختلاف الألوان، والنوم ، واليقظة ، وأشياء كثيرة ، هذه آيات كونية ، آيات شرعية وهي: الوحي المنزل على الرسل . فإذا قيل: ما وجه ذلك؟ قلنا: أما الآيات الكونية فوجه كونها آية أنه لا يستطيع أحد أن يفعل مثل فعل الله عز وجل أبدا ، قال الله: (( إن الذين تدعون من دون الله )) كل الذين تدعون من دون الله (( لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له )) لا يخلقون ذبابا ، وهل يخلقون جملا ؟ لا من باب أولى ، فهم لا يخلقون ذبابا ، ولا جملا ، ولا بعوضا ، ولا غير ذلك ، لا يستطيعون أن يخلقوا هذا أبدا ، هل يستطيع أحد أن يذهب بالنهار إذا جاء ؟ لا ، هل يستطيع أحد أن يأتي بالليل إذا جاء النهار؟ أبدا، إلا الله عز وجل ، إذا فهذه الآيات الكونية من آيات الله عز وجل ، لأنه لا يستطيع أحد أن يأتي بمثلها ، الآيات الشرعية هي أيضا من آيات الله ، وجه ذلك: أنه لا يستطيع أحد بمثل شرع الله في هداية الخلق وإصلاحه أبدا ، لو اجتمع جميع مفكري العالم ليأتوا بدستور يصلح الخلق كما يصلحه ما جاء في الوحي ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا ، (( قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا )) ، لكن يا إخواني الآيات الكونية قد يعقلها كثير من الناس ، لأنها آيات محسوسة مشهودة ، حتى الكافر تقول له تستطيع تخلق الذباب ؟ يقول ما أستطيع ، أما الآيات الشرعية فليس كل أحد يدركها ، ليس كل أحد يدركها ، قال الله تعالى: (( كلا إن كتاب الفجار لفي سجين وما أدراك ما سجين كتاب مرقوم ويل يومئذ للمكذبين الذين يكذبون بيوم الدين وما يكذب به إلا كل معتد أثيم إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين )) لا يتبين له أنها آيات ـ والعياذ بالله ـ، لماذا ؟ قال الله تعالى مكذبا لقوله : (( كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون )) فالإنسان إذا اجتمعت الذنوب على قلبه ـ نسأل الله أن يطهرنا وإياكم منها ـ إذا اجتمعت الذنوب على قلبه صار لا يرى الحق حقا ولا الباطل باطلا ، عمي ـ والعياذ بالله ـ يتلى عليه القرآن فيقول: هذه أساطير الأولين ليس كلام رب العالمين ، ولهذا نقول : الآيات الشرعية هي التي فيها الامتحان والابتلاء ، ومن ثم لم ينكر أحد الربوبية ، ربوبية الله، كل يقر بأن الله رب العالمين وأنه الذي خلق السموات والأرض ، لكن الآيات الشرعية أنكرت أو لا ؟ نعم ، قريش إذا سئلوا من خلق السموات والأرض قالوا: الله ، لكن قالوا في القرآن إنه كهانة، والشعر، والسحر ، وما أشبه ذلك ، المهم أن قوله: (( إن الذين كفروا بآيات الله )) يشمل الآيات الكونية والشرعية، وبيننا وجه كون كل منها آية . يقول: (( لهم عذاب شديد )) (( العذاب )) هنا بمعنى العقوبة ، و(( الشديد )) القوي قوي، يعني العقوبة قوية ـ والعياذ بالله ـ ، وقد ذكر الله في القرآن وذكر نبي الله صلى الله عليه وسلم في السنة أصنافا وأنواعا من هذا العذاب تقشعر منه الجلود وتوجل منه القلوب ، قال الله تبارك وتعالى: (( إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاث بماء كالمهل يشوي الوجوه )) (( وإن يستغيثوا )) ولا يستغيثون إلا لشدة الحر والظمأ ، إذا استغيثوا يؤتون بماء يشوي الوجوه ، أذا أقبلوا به إلى أفواههم ليشربوه شوا وجوههم ـ والعياذ بالله ـ قال الله تعالى: (( بئس الشراب )) هذا شرابهم ، وقال الله سبحانه وتعالى: (( إن شجرة الزقوم طعام الأثيم كالمهل يغلي في البطون كغلي الحميم )) شف هذا طعامهم ، لباسهم : (( سرابيلهم من قطران )) ، مقرهم وهوائهم : (( يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزا حكيما )) . والسنة مملوءة بذكر أصناف العقاب الذي يعاقب به هؤلاء فهو عذاب شديد ، لأهله الصراخ والعويل ، فهم يصطرخون فيها (( ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل )) فيقال لهم توبيخا: (( أولم نؤمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم من نذير فذوقوا فما للظالمين من نصير )) هذه يا إخواني حقائق ، حقائق نحن إن شاء الله تعالى في الإيمان بها كأنها مشاهدة عندنا بل أعظم ، ولهذا قال: (( لهم عذاب شديد )) . (( والله عزيز ذو انتقام )) (( عزيز )) من العزة وهي ثلاثة أصناف: عزة القدر، وعزة القهر، وعزة الامتناع ، عزة القدر بمعنى:أن الله ذو قدر شريف عظيم، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( السيد الله ) هذه عزة القدر، عزة القهر: أنه قاهر لكل شيء لا يغلب بل هو الغالب، قال الله تعالى: (( وهو القاهر فوق عباده )) وقال الشاعر الجاهلي :
أين المفر والإله الطالب والأشرم المغلوب ليس الغالب
فالله سبحانه وتعالى غالب على كل شيء، عزة الامتناع: أي أنه عزوجل يمتنع أن يناله سوء أو نقص، ومن هذا المعنى قولهم: هذه أرض عزاز، أي صلبة قوية ما تؤثر فيها المعاوي ، ونحن نقول في لغتنا: عزا، يعني شديدة صلبة ، إذا فمعنى (( عزيز )) أي ذو العزة، والعزة كم قسما ؟ ثلاثة أقسام: عزة القدر، وعزة القهر، وعزة الامتناع ، ولهذا الذي يفسر العزيز بالغالب فقط نقول : إن تفسيره قاصر، بل هو يشمل المعاني الثلاثة . وقوله: (( ذو انتقام )) أي صاحب انتقام ، والانتقام أخذ المجرم بإجرامه ، تقول: انتقمت من زيد، يعني أخذت بحقي منه ، فأخذ المجرم بإجرامه يسمى إجراما ، كما قال الله تعالى: (( إنا من المجرمين منتقمون )) وهنا قال: (( ذو انتقام )) ولم يقل: ذو الانتقام، وفي الرحمة قال: (( وربك الغفور ذو الرحمة )) ولم يقل: ذو رحمة، وإن كان قال في آية أخرى: (( وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم )) ، لأن الانتقام ليس من أوصاف الله المطلقة، وليس من أسماء الله المنتقم ، ليس من أسماء الله المنتقم وليس من أوصاف الله المطلقة الانتقام ، بل المنتقم لا يوصف الله به إلا مقيدا، فيقال: المنتقم من المجرمين ، كما قال تعالى: (( إنا من المجرمين منتقمون )) أما (( ذو انتقام )) فهي لا تعطي الانتقام المطلق ، لأن الانتقام نكرة فلا تعطي المعنى على الإطلاق ، يعني له انتقام ، انتقام من من ؟ مقيد وإلا مطلق ؟ مقيد ، انتقام من المجرمين ، انتبه ! وبهذا نعرف أن الأسماء المسرودة في الحديث الذي رواه الترمذي لا تصح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، لأنه ذكر فيها من أسماء الله المنتقم وهذا لا يصح ، وحذف من أسماء الله ما ثبتت به الأحاديث ولم يذكر فيها مثل: الشافي ، والرب ، الرب أيضا حذف منها، فالمهم أن الله قال: (( ذو انتقام )) ولم يقل: ذو الانتقام ، ولم يصف نفسه بالمنتقم إلا مقيدا. نأخذ الآن الفوائد ؟