الكلام على تفسير أهل الأهواء المتشابه بآيات الصفات وبيان حقيقة صفات الله. حفظ
واعلم أن كثيرا من الناس الذين يتكلمون في العقائد فسروا المتشابه بآيات الصفات، قالوا: إن المتشابهات هن آيات الصفات، ولكن لاشك أن تفسير المتشابهات بآيات الصفات على الإطلاق ليس بسليم ولا بصحيح، لأن آيات الصفات معلومة مجهولة، معلومة مجهولة، فهي من حيث المعنى معلومة ولا يمكن أن يخاطبنا الله عز وجل ويحدثنا عن نفسه بأمر مجهول لا نستفيد منه وليس هو بالنسبة إلينا إلا كنسبة الحروف الهجائية التي ليس فيها معنى، هذا غير ممكن إطلاقا، نعم هي مجهولة من جهة أخرى وهي الحقيقة والكيفية التي هي عليها فهذا مجهول لنا لا نعلم كيفية الله ولا ندرك حقيقته، لا نعلم كيف وجه الله ولا ندرك حقيقته، لا ندرك حقيقة علم الله عز وجل ولا ندرك كل صفاته لا ندرك حقائقها، لأن الله يقول: (( ولا يحيطون به علما )) فمن زعم أن آيات الصفات من المتشابه على سبيل الإطلاق فقد أخطأ، فالواجب أيش؟ الواجب التفصيل، فنقول: إن أردت بكونها من المتشابه تشابه الحقيقة التي هي عليها فأنت مصيب، وإن أردت بالمتشابه تشابه المعنى وأن معناها مجهول لنا فأنت مخطئ غاية الخطأ، وقد ذهب إلى هذا من ذهب من الناس وقال: إن آيات الصفات وأحاديثها مجهولة لا نعلمها لا يعلمها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أبو بكر، ولا عمر، ولا عثمان، ولا علي، ولا ابن مسعود، ولا ابن عباس، ولا فقهاء الصحابة، ولا فقهاء التابعين، ولا أئمة الإسلام كلهم لا يدرون ما معناها، تقول لهم: ما معنى استوى على العرش؟ فيقول: الله أعلم ، تقول لهم: ما معنى: (( بل يده مبسوطتان )) ؟ يقول: الله أعلم ، ما معنى: (( ويبقى وجه ربك )) ؟ الله أعلم كل شيء الله أعلم، كل شيء يتعلق بصفات الله يقول: الله أعلم، والغريب أن هذا القوم في غاية ما يكون من السقوط، وإن كان بعض الناس يظن أنه مذهب أهل السنة، أو أنه مذهب السلف، حتى أدى بهم الأمر إلى هذه الكلمة الكاذبة، طريقة السلف أسلم وطريقة الخلف أعلم وأحكم، هذه الجملة والقضية من أكذب القضايا أن تكون طريقة السلف أسلم وطريقة الخلف أعلم وأحكم، لكن نقول: طريقة السلف أسلم وأعلم وأحكم، المهم أن من الناس من يظن أن مذهب السلف هو التفويض وعدم معرفة المعنى وعدم الكلام به حتى النبي عليه الصلاة والسلام على زعمهم يقول: ( يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة ) لو سألته تقول: يا رسول الله ما معنى يضحك؟ قال:ما أدري، ( ينزل ربنا إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر ) لو سألته ويش معنى ينزل؟ قال: لا أدري، وأنا أعجب كيف يستقيم لسان شخص يدعي أن هذا مذهب سلف من الصحابة والتابعين وتابعيهم إلى يوم القيمة ، هذا بعيد من الصواب، إذا نقول: آيات الصفات من المتشابه في الحقيقة والكيفية التي عليها لأن الإنسان بشر لا يمكن يدرك هذه الصفات العظيمة، لكن في المعنى محكمة معلومة لا تخفى على أحد، كلنا يعرف ما معنى العلم، كلنا يعرف ما معنى الاستواء، كلنا يعرف ما معنى الوجه، ما معنى اليد، ولهذا قال الإمام مالك رحمه الله قوله المشهور الذي روي عن شيخه قال: " الاستواء غير مجهول ، والكيف غير معقول ، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة " . أيه لكن إذا قلت: أفهمتم وقال بعضكم نعم وسكت الباقون معناه أنهم كلهم فاهمين، الواجب على من لا يفهم، لا، إذا قلت : أنا فهمت معناه انقطعت كلام ال ، فإّذا قلت فهمت وأنت ما فهمت لازم تبين، أقول مثلا: نحن نعلم معنى العين أو لا؟ لكن حقيقة عين الله وكيفيته معلوم ولا غير معلوم؟ غير معلوم ، مع أن عيننا معروفة مكونة من طبقات متعددة ومن عروق ومن كذا ومن كذا ومن كذا معروفة، لكن عين الله لا يمكن أن تقول بها هكذا، مجهولة لك، إذا هي حقيقتها غير معلومة ولكن معنى العين وهي التي يحصل بها النظر والرؤية أمر معلوم ، يد الله عز وجل هي معلومة أو لا؟ معلومة حقيقة ، هي معروف اليد معروفة والأصابع معروفة، والقبض باليد معروف، والأخذ باليد معروف أو لا؟ ولكن حقيقة هذه اليد وكيف هي ما تعرف ما نستطيع نتكلم فيها ، ومن ادعى العلم فيها فهو كافر، من ادعى العلم بهذا فهو كافر، هذا معنى الحقائق، فالحقائق شيء والمعاني شيء آخر، بأننا لو نقول إننا لا نعلم معاني آيات الصفات أنه سيفوتنا ثلاثون في المائة من معاني القرآن أو أكثر، لأن ما تجد آية إلا وفيها اسم من أسماء الله أو صفة من صفاته نعم؟ طيب .