الرد على من قال أن آيات الصفات من المتشابه فالحق فيها هو التفويض. حفظ
وهنا سؤال وهو: أن كثيرا من المتكلمين قالوا: إن آيات الصفات من المتشابه، وقالوا: إن المتشابه لا يعلم تأويله إلا الله، فصارت النتيجة أن آيات الصفات لا يعرف معناها، ولهذا قالوا: إن قول الحق في آيات الصفات هو التفويض، انتبهوا للمعنى، فقولهم: إن الحق هو التفويض وأن لا تتكلم فيها بشيء ناتج عن هذين الأمرين: أولا: أن آيات الصفات من المتشابه، وثاني: أن المتشابه لا يعلم تأويله إلا الله، فتكون النتيجة أن لا نخوض في معاني آيات الصفات لأنها من المتشابه ولا يعلم تأويله إلا الله، وما لا يمكن الوصول إلى علمه لا يجوز الخوض فيه انتبه، ولكن نقول: إن هذا القول قول باطل، أولا نقول: ماذا تعنون بالمتشابه؟ أو ماذا تعنون بالتشابه في آيات الصفات؟ إن قالوا: نريد اشتباه المعنى وهو الذي يريدونه، قلنا: هذا خطأ، لماذا؟ لأن معاني آيات الصفات واضحة معلومة ولا فيها اشتباه، ليس فيها اشتباه إطلاقا، كما قال الإمام مالك رحمه الله: الاستواء غير مجهول، ما هو مجهول لأحد بل هو معلوم، معلوم لكل أحد، استوى على العرش يعني علا عليه ما فيه إشكال، وإن أرادوا بالتشابه اشتباه الحقيقة والكيفية فهم صادقون ولكنهم لا يريدون هذا، لأنهم لو قالوا: نحن نعلم معنى ونجهل الحقيقة والكيفية قلنا هذا مذهب صحيح، لكن يقولون نحن نجهل المعنى والكيفية والحقيقة ولهذا سموا أهل التفويض وأهل التجهيل، لأنهم يقولون: كل آيات الصفات وأحاديثها غير معلومة لأحد، وأن قراءتنا بمنزلة القراءة الأعجمي للخطاب العربي، أو بمنزلة القراءة العربي للخطاب العجمي، أو بمنزلة القراءة الحروف الهجائية: ألف، باء، ثاء، إلى آخرها، هذا نظرهم بالنسبة لأيش؟ لآيات الصفات وهو نظر بلاشك خاطئ، كيف نعلم معنى آيات الوضوء، والصلاة وما أشبهها؟ إما لا يعد شيئا بالنسبة لصفات الله ونجهل معاني آيات الصفات وهي أولى بالعلم من غيره ولا تمكن العبادة حقا إلا بمعرفة صفات الله عزوجل، فنقول: أنتم لو أردتم أنها لا تعرف الحقيقة التي عليها، قلنا: صدقتم، أما أن تقولوا: لا يعرف معناها، وأنها مجهولة فهذا خطأ، فصار الآن إذا قال قائل: هل آيات الصفات من المتشابه؟ نقول: لا يصح القول بالإطلاق لا نفيا ولا إثباتا، مع أنه يمر بكم في كتب أصول الفقه إذا أرادوا أن يمثلوا بالمتشابه قالوا: مثل آيات الصفات، وهذا خطأ، هذا خطأ، لأنه لابد من التفصيل، إذا أرادوا التشابه المعنوي فهذا خطأ بل هي من الآيات الواضحة المحكمة، وإن أرادوا اشتباه الحقيقة بأننا لا نعلم كيفية هذه الصفات ولا نحيط بها فهذا حق، لكنهم لا يريدون هذا إنما يريدون الأول .