تتمة الفوائد : (( هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آياتٌ محكماتٌ هن أم الكتاب ... )) . حفظ
ومن فوائد الآية الكريمة: فضيلة الرسوخ في العلم، ويش معنى الرسوخ في العلم؟ الثبات فيه والتعمق فيه حتى نصل إلى جذوره، لقوله: (( والراسخون في العلم يقولون آمنا به )) . ضد الرسوخ في العلم السطحية في العلم، وما أكثر السطحية اليوم فينا ، أكثر الناس اليوم علومهم سطحية، ولهذا تجدهم إذا ألفوا أو كتبوا يكثرون من النقول، لأن ما عندهم حصيلة، قال فلان وقال فلان وقال فلان للسبب أنه ليس عندهم حصيلة علمية، لا يستطيع الإنسان أن يعبر لأنه ما عنده علم فيجعل نفسه في حل من الكلام ويأتي وقال فلان يف لك وجه كامل أو أكثر من ذلك، وإذا رجعت إلى أهل العلم، أهل العلم حقا وجدت أنهم يتكلمون بالعلم من صدورهم بدون نقل، ولهذا تجد أحيانا عباراتهم ما تخالف عبارات العلماء الآخرين، ومن أجلى ما يكون وأوضح كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن قيم تجد أنهم يتكلمون عن علم الراسخ وأمثالهم كثير لكن القصد إن هذا من أوضح ما مر بي، إن الرسوخ في العلم يجعل الإنسان كأنه كأن العلم ينبع من قلب، أما السطحي هذا الذي يكون ظلا على الرأس فقط فهذا فائدة متعلمه قريبة . من فوائد الآية الكريمة أيضا: أنه ينبغي للإنسان أن يحرص على أن يكون راسخا في العلم لا جامعا كثيرا منه، لأن العبرة الرسوخ في العلم، فإن الإنسان إذا كان عنده رسوخ في العلم صار عنده ملكة يستطيع أن يقرب العلم بعضه من بعض ويقيس ما لم ينص عليه على ما نص عليه ويكون العلم لديه كالطبيعة الراسخة . ومن فوائد الآية الكريمة: أن الراسخين في العلم يعلمون أن الذي من عند الله لا يكون في تناقض، لقوله: (( يقولون آمنا به كل من عند ربنا )) . من فوائد الآية الكريمة: أن مقتضى الربوبية أن الله تعالى ينزل على عباده كتابا لا يكون فيه اختلاف ليوقعهم في الشك والاشتباه، لقوله: ((كل من عند ربنا)) وما كان من عند الرب المعتني بعباده بربوبيته فلن يكون فيه شيء يتناقض ويختلف . ومن فوائد الآية الكريمة: أنه لا يتذكر بهذا القرآن ولا بغيره إلا أصحاب العقول، لقوله: (( وما يذكر إلا أولوا الألباب )) . ومن فوائد الآية الكريمة: أنه كلما ازداد الإنسان عقلا ازداد تذكرا بكلام الله عزوجل، وكلما نقص تذكره بالقرآن دل على نقص عقله، لأنه إذا كان الله حصر التذكر بأولي الألباب فإنه يقتضي انتفاع هذا التذكر من ليس عنده لب . ومن فوائد الآية الكريمة: أن العقول غير الذكاء، أي أن العقل غير الذكاء، لأننا نجد كثيرا من الناس أذكياء ولكن لا يتذكرون بالقرآن، إذا هؤلاء لا نسميهم عقلاء، لكن الذي انتفى عنهم عقل هو عقل الإدراك أو التصرف؟ التصرف، عقل التصرف والرشد، أما عقل الإدراك فهم يدركون، ولهذا تقوم عليهم الحجة . ومن فوائد الآية الكريمة: أن من القرآن ما لا يعلم تأويله إلا الله على قراءة الوقف (( وما يعلم تأويله إلا الله )) . فإن قال قائل: ما الفائدة في تنزيل شيء لا يعلم تأويله ؟ قلنا الفائدة امتحان العباد بتأدبهم مع الله عزوجل، هل يحاولون أن يصلوا إلى شيء لا تدرك عقولهم أو يقفون على حدود ما تدركه عقولهم، لأن من الناس من يذهب ويتجرأ على محاولة إدراك ما لا يصل إليه العقل، ومن الناس من يتأدب فيتواصل إلى ما لا يبلغه العقل وقف . ومن فوائد الآية الكريمة: سعة علم الله عزوجل، لقوله: ((وما يعلم تأويله إلا الله)) على قراءة وقف . ومن فوائدها أيضا: أن كلام الله عزوجل يختلف: منه محكم، ومنه متشابه، ومنه أمر، ومنه نهي، ومنه خبر، ومنه استخبار، إلى أنواع لا يحصيها إلا الله، خلافا لمن قال: إن كلام الله نوع واحد، وأن اختلاف الصيغ أو السور لا يدل على تنوعه واختلافه مثل الأشاعرة، لأن الأشاعرة يرون أن كلام الله هو المعنى القائم بالنفس وأنه شيء واحد إن عبر عنه بالعربية صار قرآنا، وإن عبر عنه بالعبرية صار توراة، وإن عبر عنه بالسريانية صار إنجيلا، وإن أتى بصيغة النهي صار نهيا وهكذا، أو إن عبر عنه بصيغة النهي صار نهيا، وإن عبر عنه بصيغة الأمر صار أمرا وإلا فهو شيء واحد، ولاشك أن هذا قول يبطله العقل والسمع .