تفسير الآية : (( ربنا إنك جامع الناس ليومٍ لا ريب فيه إن الله لا يخلف الميعاد )) . حفظ
ثم قال الله تعالى: (( ربنا إنك جامع الناس ليوم لاريب فيه إن الله لا يخلف الميعاد )) هذا يقول فيه: ((ربنا إنك جامع الناس)) ونقول في إعراب (( ربنا )) كما قلنا في إعراب ما سبق، وقوله: (( إنك جامع الناس ليوم لاريب فيه )) (( جامع )) اسم فاعل، وهنا لم يعمل لأنه أضيف، ولو لا الإضافة لكان يقول: ربنا إنك جامع الناس، لكن بالإضافة لا يعمل إلا الجر، وقوله: (( ليوم لاريب فيه )) المعنى: أنهم يجمعهم لهذا الوقت، فاللام هنا للتوقيت، فهي كقوله: (( أقم الصلاة لدلوك الشمس )) أي وقت دلوكها ، أو كقوله: (( إذا طلقتم الناس فطلقوهن لعدتهن )) أي وقت عدتهن، فالله تعالى جامع الناس لهذا الوقت (( ليوم لا ريب فيه )) أي لاشك، ولكن الريب أبلغ من الشك وإن كان معناهما متقاربا، لأن الريب فيه زيادة قلق واضطراب مع الشك، والشك خال من ذلك، ولهذا جاءت كلمة ريب الدالة لمفهومها اللفظي على أن هناك نوعا من القلق والاضطراب الحاصل بالشك، لأن من الشكوك ما لا يولد هما ولا غما ولا اضطرابا ولا يهتم به الإنسان، ومن الشكوك ما يهتم به الإنسان ويضطرب وقلع مثل هذه الأمور العظيمة الواردة في الأخبار باليوم الآخر فإن الإنسان لابد أن يطمئن اطمئنانا كاملا . وقوله: (( لا ريب فيه )) إعرابها: أن لا نافية للجنس، وريب اسمها، وفيه جار ومجرور متعلق بمحذوف خبره . (( إن الله لا يخلف الميعاد )) الجملة تأكيد لما سبق من كونه تعالى جامع الناس ليوم لاريب فيه، في هذه الآية يقول الله عن هذه السادة: إنهم بعد أن يدعوا الله بما سبق يخبر هذا الخبر المعبر عن إيمانهم ويقينهم بأنهم يؤمنون بأن الله جامع الناس ليوم لاريب فيه ومن ثم دعوا الله بأن لا يزيغ قلوبهم وأن يهب لهم منه رحمة، لأنهم يؤمنون بأن هناك يوما يجمع الله فيه الناس ليجازيهم بأعمالهم، فيقول الله عزوجل مخبرا عن هؤلاء إنهم يقرون لهذا اليوم الآخر وأن الله تعالى سيجمع الناس أولهم وآخرهم كما قال تعالى: (( قل إن الأولين والآخرين لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم )) وقال تعالى: (( ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود )) ما أكثر الناس الذين سبقونا، وما أكثر الناس الذين يلحقوا بنا والله أعلم ، ومع هذا كل هؤلاء الناس سوف ...