تفسير الآية : (( إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئًا وأولـئك هم وقود النار )) . حفظ
ثم قال عز وجل مبينا حال الكفار في ذلك اليوم فقال: (( إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا وأولئك هم وقود النار)) ((إن الذين كفروا )) أي كفروا بما يجب الإيمان به، فكفروا بالله، أو باليوم الآخر، أو بالملائكة، أو بالكتاب، أوبا النبيين، أو بالقدر، إذا كفروا بأي واحد من هذه الأشياء الستة فهم كفار، كفار لأن الإيمان لا يتبعض كما قال الله تعالى: (( ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا أولئك هم الكافرون حقا )) وقال الله تعالى: (( أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيمة يردون إلى أشد العذاب )) فالذين كفروا نقول بماذا؟ بما يجب الإيمان به وهي الأركان الستة التي بينها الرسول صلى الله عليه وسلم جوابا لجبريل حين سأله عن الإيمان فقال أيش؟ ( أن تؤمن بالله ، وملائكته، وكتبه، ورسله، وباليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره ) ، نعم هذه أذا كفر بواحد منها فهو كافر، الكفار لهم أموال ولهم أولاد وربما يؤتيهم الله من الأموال والأولاد أكثر مما يعطي المؤمنين فهل ينتفعون بهذا ؟ يقول الله عز وجل : (( لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا )) (( تغني )) لها معنيان: تمنع أو تدفع، فهؤلاء الأموال والأولاد لا يمنعون عن هؤلاء الكفار شيئا ولا يدفعون عنهم شيئا، فهم إن وقع بهم شيء من عذاب الله ما استطاع هؤلاء الأولاد أو هذه الأموال أن ترفعهم، وإن قضى الله عليهم بشيء لم يستطيعوا أن يمنعوه ويدفعوه، إذا (( لن تغني )) لم تمنع، ولم تدفع، ولم ترفع (( أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا )) (( أولادهم )) الذكور أو الإناث؟ يشمل لأن الولد إذا أطلق فهو شامل للذكر والأنثى، ما الدليل على أن الولد يشمل الذكر والأنثى؟ (( يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين )) . أموالهم وأولادهم من الله شيئا لا في الدنيا ولا في الآخرة، ولهذا تجد الواحد منهم عنده من الأموال العظيمة الكثيرة شيء كثير ولكن لو جاءه ملك الموت ما منعه، ما منعته هذه الأموال، عنده من الأولاد والحشم والخدم الشيء الكثير ولا تغني عنه شيئا . (( وأولئك هم وقود النار )) أعوذ بالله ـ (( وأولئك هم وقود النار )) نشوف الإعراب أولا لنفهم المعنى: أولاء مبتداء، وهم مبتدأ ثاني أو ضمير فصل، وقود خبر إما للمبتدأ الثاني وإما للمبتدأ الأول، فإن جعلت هم مبتدأ ثاني فوقود خبر للمبتدأ الثاني وإن جعلت هم ضمير هم ضمير فصل فوقود للمبتدأ الأول، والوقود بالفعل أي نعم والوقود بفتح الواو ما يوقد به كالطهور ما يتطهر به، والسحور ما يتسحر به، والفطور ما يفطر به بخلاف الضم فطور، وسحور، وطهور، ووضوء فهي الأفعال يعني فرق بين وضوء و وضوء، وطهور وطهور، وسحور و سُحور، السحور يعني الفعل أكل السحور هذا يكون بضم السين، سحور ما يتسحر به، فإذا جاء الإنسان بالتمر في آخر الليل فماذا نسمي هذا التمر؟ سحور فإذا أكله سميناه سحورا، إذا جاء بماء يتوضأ به فهو وضوء، وإذا فعل وغسل وجهه ويديه ومسح رأسه وغسل رجليه نسميه وضوء وعلى هذا فقس. وهنا يقول: (( وقود )) يعني ما توقد به النار مثل الحطب، الحطب وقود النار، هؤلاء الكفار هم وقود النار، ولها وقود آخر وما هو؟ الحجارة كما قال الله تعالى (( يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم و أهليكم نارا وقودها الناس والحجارة )) فهؤلاء وقود النار، وإذا كانوا ـ والعياذ بالله ـ وقودها فإنها تتسعر بهم أو تسعر بهم وهي في نفس الوقت تحرقهم ـ نسأل الله العافية ـ قال: (( وقود النار )) والنار اسم من أسماء جهنم وهي الدار التي أعدها الله تعالى للمكذبين لرسلهم وحرها شديد، وفيها زمهرير برده شديد ـ والعياذ بالله ـ حرها قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( إنها فضلت على ناركم هذه بتسعة وستين جزءا ) ـ أعوذ بالله ـ كم يكون مقدراها؟ سبعين، سبعين يعني بالإضافة إلى نار الدنيا تكون أشد منها فتكون مثلها سبعين مرة .