تفسير الآية : (( زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة ... )) . حفظ
ثم قال الله عز وجل: (( زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث )) كم هذه ؟ (( من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث )) سبعة إلا أن تريد أن تجعل الذهب والفضة واحدة، الذهب والفضة اثنين، طيب (( زين للناس )) أي جعل هذا الشيء زينا في قلوبهم، ومن الذي زين؟ هل المزين الله عزوجل؟ أو المزين الشيطان؟ المزين هو الله ، المزين هو الله ، وقد أضاف الله التزيين إلى نفسه في عدة آيات (( كذلك زينا لكل أمة علمهم )) (( إن الذين لا يؤمنون بالآخرة زينا لهم أعمالهم )) ، وأضاف التزيين أيضا إلى الشيطان: (( فزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل )) لكن تزيين الشيطان إنما كان بالنسبة لأعمال هؤلاء يعني زين لهم الأعمال، أما الأشياء المخلوقة فالذي يزينها هو الله عز وجل، (( زين للناس )) أي زينها الله عز وجل في قلوبهم ابتلاء واختبارا، لأنه لو لا تزيين هذه الأشياء في قلوب الناس ما عرف المؤمن حقا، لو كان الإنسان لا يهتم بمثل هذه الأمور لم يكن له ما يصده عن دين الله، فإذا ألقي في قلبه حب هذه الشهوات فإن قوي الإيمان لا يقدمها على محبة الله عزوجل، ألم تروا إلى قول الرسول عليه الصلاة والسلام: ( رجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله ) هذا ممن يظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، والمرأة ذات المنصب والجمال هي من أشد ما يتعلق بالإنسان في النساء، منصب وجمال ومع ذلك قال: إني أخاف الله، ودعته في موضع خال ليس فيه أحد، لأنه لو كان فيه أحد لقال: لقال عندنا أحد كيف تقولين كلام هذا؟ لكن قال: إني أخاف الله، الموضع الخالي كالموانع منتفي، وأسباب الفاحشة موجودة منتشرة ومع ذلك قال: إني أخاف الله، إذا هذا التزيين نقول: إنه ابتلاء واختبار من الله عز وجل . قال: (( حب الشهوات من النساء )) ولم يقل: حب النساء، الشهوات، يعني أن يتزوج الإنسان المرأة لمجرد الشهوة لا لأمر آخر، ولهذا هل يدخل في هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ويقال إنه ممن زين له حب الشهوات ؟ لا، لأنه عليه الصلاة والسلام لم يتزوج امرأة بكرا، ولو كان يريد الشهوة لاختار الأبكار الجميلات ولا يمنعه مانع من ذلك، ولكنه قال: ( حبب إلي من دنياكم النساء والطيب ) لما في اختيار النساء من قبله عليه الصلاة والسلام من المصالح العظيمة كاتصاله بالناس وقبائل العرب وكذلك نشر العلم عن طريق النساء لاسيما العلوم البيتية التي لا يطلع عليه إلا النساء إلى غير ذلك من المصالح، المهم أن الآية تقول: (( حب الشهوات من النساء )) ولم يقل: حب النساء ، لأن تزيين حب النساء إذا كان لغير مجرد الشهوة قد يحمد عليه الإنسان، لكن إذا كان لمجرد الشهوة فهذا من الفتنة، ولهذا قال: (( حب الشهوات من النساء )) . الثاني: (( البنين )) أيضا يحب البنين لا ليكون عونا له على طاعة الله ولكن ليفتخر به، وكانوا في الجاهلية يفتخرون بالبنين ويتشاءمون من البنات، إذا بشر أحدهم بالأنثى ماذا يكون حاله؟ (( ظل وجهه مسودا وهو كظيم يتوارى من القوم )) يختفي منهم مخافة المسبة ثم يفكر ويقدر ((أيمسكه على هو أم يدسه في التراب)) يعني أيمسك هذا المولود وهو الأنثى على هو وذل و هضم لحقها أم يدسه في التراب يدفنها حية في التراب، قال الله تعالى: (( ألا ساء ما يحكمون )) المهم أن البنين لاشك أن كثيرا من الناس زين لهم حب البنين شهوة، وليس شهوة للجنسية ولكن شهوة الفخر والشرف والأبهة أنا أولادي عشرة، أنا عندي عشرون من الولد، وما أشبه ذلك . (( والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة )) القناطير جمع قنطار وما المراد بالقنطار؟ قيل المراد به ألف مثقال ذهب فإذا صارت قناطير تكون آلاف، مقنطرة معتنى بها، وقيل: إن القنطار ما يملأ مسكة الثور، يعني جلد الثور من الذهب وهذا أكثر من ألف مثقال؟ أي نعم ، على كل حال ذكر الله تعالى هذه المبالغ من الذهب والفضة لأنه كلما كثر المال في الغالب افتتن الإنسان به، كلما كثر افتتن الإنسان به، فإذا كانت قناطير المقنطرة من الذهب صارت الفتنة بها أشد . (( من الذهب والفضة )) نص عليهما لأنها أغلى ما يكون من الأموال ، ولذلك تتعلق الرغبات لهذين الجوهرين: الذهب والفضة، حتى لو وجد جواهر نفيسة لا تجد تعلق القلوب بهذه الجواهر كتعلقها بالذهب والفضة، الآن يدلسون على الذهب ويدلسون على الفضة، يأتون بالأشياء مطلية باللون الأصفر أيش؟ تقليدا للذهب وإلا ما هي ذهب، لأنه يعلمون أن النفوس تندفع بقوة إلى الذهب ولها رغبة قوية للذهب والشاعر يقول:
رأيت الناس قد ذهبوا إلى من عنده ذهب
ورأيت الناس قد مالوا إلى من عنده مال
يقول: (( من الذهب والفضة )) الذهب هو المعدن المعروف ذو اللون الأصفر، واشتهر أخيرا عند الناس ما يسمونه بالذهب الأبيض ولكن ليس هذا هو الذهب وإن كان عندهم أنه بمنزلة الذهب في الغلاء وتعلق النفوس به لكنه ليس هو الذهب المعني في هذه الآية . والفضة أيضا معدن معروف وجوهر مألوف لكنه أقل من الذهب .
السائل : شيخ! الرسول صلى الله عليه وسلم ما تزوج بكرا ؟
الشيخ : لا ما تزوج بكرا في الغالب ما أحد إلا عائشة فقط عائشة تزوجها وهي بكر.