فوائد الآية : ((فكيف إذا جمعناهم ليومٍ لا ريب فيه ووفيت كل نفسٍ ما كسبت وهم لا يظلمون )) . حفظ
وقال الله عز وجل: (( فكيف إذا جمعناهم ليوم لاريب فيه ووفيت كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون )) . في هذه الآية دليل على عظم ذلك اليوم، لقوله: (( فكيف إذا جمعناهم )) (( ووفيت كل نفس )) . وفيها دليل أيضا: على النداء بالنعي على هؤلاء الذين ليس لهم في ذلك اليوم إلا الخيبة والخسران، ولهذا قال: كيف تكون الحال في ذلك اليوم؟ والجواب: أن حالهم أخيب حال، أخيب حال هي حالهم ـ والعياذ بالله ، لأنهم ليس عندهم شيء خسروا دينهم ودنياهم . ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات اليوم الآخر، لقوله: (( ليوم لاريب فيه )) . ومن فوائدها: أن من كفر اليوم الآخر أو شك فيه فهو كافر، لأنه مكذب لقوله تعالى: (( لاريب فيه )) فالله أخبر بأن هذا اليوم لاريب فيه أمر واقع ولابد لابد أن تجتمع مع أمك وأبيك وأختك وأخيك في ذلك اليوم، لكن تجتمع بهم وأنت تفر منهم (( يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل امرئ منهم يومئذ شان يغنيه )) حتى يستقر الناس في منازلهم فإذا استر الناس في منازلهم واجتمع بهم في الجنة فهذه غاية المنى (( والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء )) الصغار الذي ماتوا وهم لم يكن لهم ذرية يلحقون بآبائهم ليجتمعوا إليهم، لكن هل يلحق الأعلى ينزل الأدنى وإلا بالعكس؟ بالعكس يعني يرفع الأدنى إلى الأعلى، أما من كان له ذرية من الأولاد فهو مستقل بنفسه في منزلته لأن هذا له ذرية، على كل حال في قوله: (( فكيف إذا جمعناهم ليوم لاريب فيه )) دليل على أن من شك في هذا اليوم أو أنكره فهو كافر لتكذيبه لله عز وجل . ومن فوائد الآية الكريمة: أن يوم التوفية الكاملة هو يوم القيمة، لقوله: (( ووفيت كل نفس ما كسبت )) وإنما قلت التوفية الكاملة لأن الإنسان قد يوفى شيئا من عمله في الدنيا أليس كذلك؟ بلى قد يوفى في الدنيا لكن يوفى في الآخرة أيضا توفى النفوس ما عملت، قد يوفى في الدنيا وماذا يوفى؟ قال الله تعالى: (( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب )) مخرجا من كل ضيق وسعة في الرزق ويرزقه من حيث ما يحتسب هذا في الدنيا وهذا جزاء، وهناك جزاء آخر أعظم وأنفع وهو الهدى، الهدى قال الله تعالى: (( والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم )) الهدى والعمل الصالح هذا أفضل من المال، أفضل من المال، لأن الهدى إذا زاد الله الهدى انشرح صدره واستنار قلبه واطمئن، ثم صارت التقوى عنده أسهل من كل شيء وصارت الأعمال الصالحة رياض قلبه وسرور نفسه، ولهذا قال رسول الله صلوات الله وسلامه عليه: ( جعلت قرة عيني في الصلاة ) والمؤمن كل الأعمال الصالحة قرة عينه لأنه يشعر في كل عمل صالح يشعر بأمرين عظيمين، الأمر الأول: أنه يتعبد لله بالعمل الصالح فيزداد ذلا لربه ومحبة له وإنابة إليه، والأمر الثاني: أنه بذلك متبع لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو يشعر حين فعل العبادة أن إمامه محمد صلى الله عليه وسلم فيزداد محبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتعظيما لقوله بل وتعظيما لهديه وسنته، وهذا أعظم كسب أعظم كسب أن يحصل لك هذا الأمر في العبادة والتقوى . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: انتفاء الظلم عن الله عزوجل، لان قوله: ووفيت وهم لا يظلمون، فاعلها معروف، من الموفي ؟ الله ، والذي لا يظلم الله ولكن انتفاء الظلم عن الله سبحانه وتعالى هل هو من الصفات الثبوتية أو من الصفات المنفية التي يسمونها بالسلبية ؟ الثاني إلا أننا نقول لا يظلم أي ليس في جزائه أدنى ظلم فيكون نفي الظلم لكمال العدل، انتبه لأن الظلم قد يكون كاملا وقد يكون ناقصا، يعني قد يكون كاملا بحيث لا يعطى شيئا من جزاء عمله، وقد يكون ظلما ناقصا يعطى بعض الشيء، فإذا نفى الله عن نفسه ظلم صار ذلك مستلزما لكمال عدله، وكذلك ((ولقد خلقنا السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب)) اللغوب يعني تعب والإعياء، فالله عزوجل خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام ولم يمسه لغوب أي تعب وإعياء، لماذا؟ لكمال قوته وقدرته عزوجل، الإنسان يعمل العمل لكن يتعب، أما الرب عزوجل لكمال قدرته وقوته خلق السموات والأرض وما بينهما في أيام يسيرة ستة أيام وما مسه من لغوب، طيب إذا نأخذ من هذا قاعدة مفيدة في باب الصفات وهي: أن كل صفة نفاها الله عن نفسه فإنما يراد بها ثبوت كمال الضد، فضد الظلم العدل، إذا انتفى الظلم فهو لكمال العدل، ضد القدرة والقوة: التعب، فإذا انتفى التعب؟ ثبت كمال القدرة والقوة وعلى هذا فقس.