تفسير الآية : (( يوم تجد كل نفسٍ ما عملت من خيرٍ محضرًا وما عملت من سوءٍ ... )) . حفظ
ثم قال الله عز وجل: (( يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا )) هذا بداية درس اليوم؟ قوله: (( يوم )) ظرف زمان، والقاعدة المعروفة عند أهل النحو أن الظرف والجار والمجرور لابد له من متعلق، لأن الظرف والجار والمجرور شبه مفعول به، أو شبه خبر إذا وقع خبرا، أو شبه صلة إذا وقع صلة، المهم أنه لا يستقل بنفسه لابد له من عامل، كما قال ناظم الجمل:
لابـد للجار مـن التـعـلق بـفعـل أو معـنـاه نحو مرتقي
واستثن كل زائد له عمل كالباء ومن والكاف أيضا ولعل
فكل حرف أصلي من حروف الجر لابد له من متعلق.
قوله: (( يوم تجد )) إذا فيه ظرف زمان ولا بد لها من متعلق، فأين متعلقها ؟ المتعلق محذوف، تقديره: اذكر يوم تجد، أذكر بالناس وذكرهم بهذا اليوم العظيم . (( تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا )) (( كل نفس )) والمراد بالكلية هنا كلية النفوس المكلفة وهم الإنس والجن، فإن هؤلاء مكلفون بعبادة الله، لقول الله تعالى: (( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون )) أما البهائم فإنها لا تجد ما عملت، لكن يوفى لها الظلم إن ظلمت كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم: ( بأنه يقتص للشاة الجلحاء من الشاة القرناء يوم القيمة ) وأما هي فهي غير مكلفة ما تؤمر ولا تنهى، (( يوم تجد كل نفس )) إذا (( كل نفس )) مقيد بماذا ؟ مكلفة، كل نفس تؤمر وتنهى . (( ما عملت من خير محضرا )) ما هنا اسم موصول مفعول الأول (( محضرا )) مفعول الثاني، (( من خير )) جار ومجرور بيان لماء في قوله: (( ما عملت )) وجملة (( عملت )) صلة الموصول وعائد الموصول محذوف، والتقدير: ما عملته من خير محضرا، وقوله: (( ما عملت )) يشمل كل ما عمل قل أو كثر قال الله تعالى: (( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره )) كل ما عمل . وقوله: (( محضرا )) من الذي يحضره؟ الذي يحضره هو الله عزوجل إما بقوله وإما بملائكته يحضره الملائكة أو هو جل وعلا يأمر فيحضر، وقوله: (( محضرا )) قد يتبادر للذهن أن هذا العمل يكون جسما، يكون جسما فيحضر كما يحضر الدراهم لمن يستوفيها، وإذا كان هذا مراد الله عزوجل فليس بغريب بأن تجعل الأعمال وهي أمر معنوي تجعل أجساما وهو ظاهر القرآن الكريم بأن الأعمال توزن والوزن لا تكون إلا لجسم كثيف، فتوزن الأعمال توضع في كفة الحسنات والسيئات، وليس هذا بغريب على قدرة الله سبحانه وتعالى، فها هو الموت وصف وهو زوال الحياة يمثل يوم القيمة بكبش ويوقف بين الجنة والنار ويقال يا أهل الجنة ويا أهل النار فيطلعون فيقال لهم تعرفون هذا؟ فيقولون نعم هذا الموت فيذبح ويقال: يا أهل الجنة خلود ولا موت ويا أهل النار خلود ولا موت، وحينئذ يزداد أهل الجنة سرورا إلى سرورهم وأهل النار حزنا إلى حزنهم ـ والعياذ بالله ـ وقوله: (( وما عملت من سوء تود )) الواو هذه يحتمل أن يكون استئنافية، فتكون ما مبتداء، ويحتمل أن تكون عاطفة، فتكون ماء معطوفة على ما الأولى يعني ما عملت من خير محضرا وتجد ما عملت من سوء محضرا كذلك، فعلى الأول تكون ما مبتداء وتود (( لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا )) خبره، وعلى الثاني تكون ماء معطوفة على ما تجد في الأولى ويكون في الكلام حذف وتقديره: وما عملت من سوء محضرا تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا، ولكن المعنى الأول أظهر، لأن الأصل عدم الحد، والاستئناف كثير وارد في اللغة العربية وهو أيضا أبلغ، لأن ما عملت من سوء قد يحضر وقد يقرر به الإنسان ولا يحضر والكلام هنا عام، كلام عام يشمل المؤمنين والكافرين، والمؤمن في حسابه لا يحضر له عمله السيئ وإنما يقرر بذنوبه فيقرر ويقال: عملت كذا عملت كذا عملت كذا فيقول نعم ، فيقول الله له قد سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم ) أما الكفار فيحضر عملهم يحضر قال الله تعالى: ((ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا )) لأن سيئات الكفار ما تمحى، تحضر ويحاسبون عليها ، وبهذا يتبين أن إعراب الواو استئنافية وما مبتداء أظهر من أن تكون عاطفة وما معطوفة على ما سبق، إذا (( ما عملت من سوء )) لا تفرح به (( تود لو أن بينها وبيه أمدا بعيدا )) يعني زمنا طويلا أو مكانا بعيدا، تود أنها لم تعمل ولم تذكر به ولم يحضر لها إن كانت ممن يحضر لها عمل السيئ، والود خالص المحبة، إذا تحب محبة شديدا من كل قلبها لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا، طيب (( لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا )) لو هذه كيف نعربها؟ نعم؟ هل نقول إنها حرف مصدر ل حرف امتناع لو قلنا إنها مصدر أو نقول إنها زائدة، لأن لو إذا وقعت بعد ود تكون مصدرية كما في قوله تعالى: (( ودوا لو تدهن فيدهنون )) نعم؟ يعني ودوا أن تدهنوا، (( ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم )) أي أن يردوهم، لكن هنا فيه إشكال وهي أن أن الذي بعدها مصدرية، ولكن يمكن الانفكاك عن هذا الإيراد بأن يقال لو داخلة على فعل محذوف، تقديره: لو ثبت أن بينها وبينه أمدا بعيدا أو لو حصل تود لو حصل أن بينه وبينها أمدا بعيدا وحينئذ تكون مصدرية ويكون الفعل محذوفا، الفعل الذي يتصل به محذوفا والتقدير: لو حصل أن بينها وبينه أمدا بعيدا، وإلا نقول زائدة، والتقدير: تود أن بينها وبينه أمدا بعيدا، و حذف لو غير القرآن وقلت لو تود أن بينها استقام الكلام، إذا لنا في إعرابها توجيهان، توجيه الأول: أن تكون زائدة للتأكيد، أو للتوكيد، والثاني: أن تكون مصدرية والفعل محذوف تقديره: لو حصل أن بينها وبينه أمدا بعيدا . وقوله: (( أن بينها وبينه أمدا )) أمدا بالنصب قال إنه اسم، اسم أن مؤخر، قال الله تعالى: (( ويحذركم الله نفسه )) كرر ذلك لأن المقام يقتضيه، يقتضي التحذير، فاحذر الله عزوجل، احذر الله أن يصيبك بعقابه إذا عصيته وخالفت أمره، والأول ((يحذركم الله نفسه)) في العمل، والثاني في الجزاء، الأول في العمل في موالاة الكفار، الثاني في الجزاء، لأنه ذكره بعد أن ذكر الجزاء الذي يكون يوم القيمة . ثم قال: (( والله رءوف بالعباد )) فيها قراءتان، قراءة الأولى: (( رءوف )) والقراءة الثانية: ((رءوف)) بدون واو (( رءوف رحيم )) (( والرءوف )) فعول من الرأفة وهي أشد الرحمة، أشد الرحمة، وأرق الرحمة، لأن الرأفة فيها شيء من الرق واللين أكثر من ما في الرحمة، وقوله: (( بالعباد )) جمع عبد، والمراد بهم الخلق، فهو من العبودية العامة . استشكل بعض العلماء إتيان قوله: (( والله رءوف بالعباد )) بعد قوله: (( ويحذركم الله نفسه )) وقال: كان مقتضى الحال أن يقال: ويحذركم الله نفسه والله شديد العقاب، لأن مقام التحذير يقتضي الوعيد، فأجيب عن ذلك بأن من رأفته عزوجل بالعباد أن حذرهم نفسه، وأخبرهم بأن الأمر عظيم، لأن إخبار الإنسان بحقيقة الحال لاشك أنه من الرأفة به، من الرأفة به، وإلا فليس من المناسب أن يهدد الإنسان بالتحذير ثم يقال و لك رأفة ورحمة، ولكن قالوا إن الرأفة بالعباد عائدة إلى إخبار العباد بحقيقة الأمر وتحذيرهم من مغبتهم، وهذا لاشك أنه وجه حسن وطيب.
لابـد للجار مـن التـعـلق بـفعـل أو معـنـاه نحو مرتقي
واستثن كل زائد له عمل كالباء ومن والكاف أيضا ولعل
فكل حرف أصلي من حروف الجر لابد له من متعلق.
قوله: (( يوم تجد )) إذا فيه ظرف زمان ولا بد لها من متعلق، فأين متعلقها ؟ المتعلق محذوف، تقديره: اذكر يوم تجد، أذكر بالناس وذكرهم بهذا اليوم العظيم . (( تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا )) (( كل نفس )) والمراد بالكلية هنا كلية النفوس المكلفة وهم الإنس والجن، فإن هؤلاء مكلفون بعبادة الله، لقول الله تعالى: (( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون )) أما البهائم فإنها لا تجد ما عملت، لكن يوفى لها الظلم إن ظلمت كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم: ( بأنه يقتص للشاة الجلحاء من الشاة القرناء يوم القيمة ) وأما هي فهي غير مكلفة ما تؤمر ولا تنهى، (( يوم تجد كل نفس )) إذا (( كل نفس )) مقيد بماذا ؟ مكلفة، كل نفس تؤمر وتنهى . (( ما عملت من خير محضرا )) ما هنا اسم موصول مفعول الأول (( محضرا )) مفعول الثاني، (( من خير )) جار ومجرور بيان لماء في قوله: (( ما عملت )) وجملة (( عملت )) صلة الموصول وعائد الموصول محذوف، والتقدير: ما عملته من خير محضرا، وقوله: (( ما عملت )) يشمل كل ما عمل قل أو كثر قال الله تعالى: (( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره )) كل ما عمل . وقوله: (( محضرا )) من الذي يحضره؟ الذي يحضره هو الله عزوجل إما بقوله وإما بملائكته يحضره الملائكة أو هو جل وعلا يأمر فيحضر، وقوله: (( محضرا )) قد يتبادر للذهن أن هذا العمل يكون جسما، يكون جسما فيحضر كما يحضر الدراهم لمن يستوفيها، وإذا كان هذا مراد الله عزوجل فليس بغريب بأن تجعل الأعمال وهي أمر معنوي تجعل أجساما وهو ظاهر القرآن الكريم بأن الأعمال توزن والوزن لا تكون إلا لجسم كثيف، فتوزن الأعمال توضع في كفة الحسنات والسيئات، وليس هذا بغريب على قدرة الله سبحانه وتعالى، فها هو الموت وصف وهو زوال الحياة يمثل يوم القيمة بكبش ويوقف بين الجنة والنار ويقال يا أهل الجنة ويا أهل النار فيطلعون فيقال لهم تعرفون هذا؟ فيقولون نعم هذا الموت فيذبح ويقال: يا أهل الجنة خلود ولا موت ويا أهل النار خلود ولا موت، وحينئذ يزداد أهل الجنة سرورا إلى سرورهم وأهل النار حزنا إلى حزنهم ـ والعياذ بالله ـ وقوله: (( وما عملت من سوء تود )) الواو هذه يحتمل أن يكون استئنافية، فتكون ما مبتداء، ويحتمل أن تكون عاطفة، فتكون ماء معطوفة على ما الأولى يعني ما عملت من خير محضرا وتجد ما عملت من سوء محضرا كذلك، فعلى الأول تكون ما مبتداء وتود (( لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا )) خبره، وعلى الثاني تكون ماء معطوفة على ما تجد في الأولى ويكون في الكلام حذف وتقديره: وما عملت من سوء محضرا تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا، ولكن المعنى الأول أظهر، لأن الأصل عدم الحد، والاستئناف كثير وارد في اللغة العربية وهو أيضا أبلغ، لأن ما عملت من سوء قد يحضر وقد يقرر به الإنسان ولا يحضر والكلام هنا عام، كلام عام يشمل المؤمنين والكافرين، والمؤمن في حسابه لا يحضر له عمله السيئ وإنما يقرر بذنوبه فيقرر ويقال: عملت كذا عملت كذا عملت كذا فيقول نعم ، فيقول الله له قد سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم ) أما الكفار فيحضر عملهم يحضر قال الله تعالى: ((ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا )) لأن سيئات الكفار ما تمحى، تحضر ويحاسبون عليها ، وبهذا يتبين أن إعراب الواو استئنافية وما مبتداء أظهر من أن تكون عاطفة وما معطوفة على ما سبق، إذا (( ما عملت من سوء )) لا تفرح به (( تود لو أن بينها وبيه أمدا بعيدا )) يعني زمنا طويلا أو مكانا بعيدا، تود أنها لم تعمل ولم تذكر به ولم يحضر لها إن كانت ممن يحضر لها عمل السيئ، والود خالص المحبة، إذا تحب محبة شديدا من كل قلبها لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا، طيب (( لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا )) لو هذه كيف نعربها؟ نعم؟ هل نقول إنها حرف مصدر ل حرف امتناع لو قلنا إنها مصدر أو نقول إنها زائدة، لأن لو إذا وقعت بعد ود تكون مصدرية كما في قوله تعالى: (( ودوا لو تدهن فيدهنون )) نعم؟ يعني ودوا أن تدهنوا، (( ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم )) أي أن يردوهم، لكن هنا فيه إشكال وهي أن أن الذي بعدها مصدرية، ولكن يمكن الانفكاك عن هذا الإيراد بأن يقال لو داخلة على فعل محذوف، تقديره: لو ثبت أن بينها وبينه أمدا بعيدا أو لو حصل تود لو حصل أن بينه وبينها أمدا بعيدا وحينئذ تكون مصدرية ويكون الفعل محذوفا، الفعل الذي يتصل به محذوفا والتقدير: لو حصل أن بينها وبينه أمدا بعيدا، وإلا نقول زائدة، والتقدير: تود أن بينها وبينه أمدا بعيدا، و حذف لو غير القرآن وقلت لو تود أن بينها استقام الكلام، إذا لنا في إعرابها توجيهان، توجيه الأول: أن تكون زائدة للتأكيد، أو للتوكيد، والثاني: أن تكون مصدرية والفعل محذوف تقديره: لو حصل أن بينها وبينه أمدا بعيدا . وقوله: (( أن بينها وبينه أمدا )) أمدا بالنصب قال إنه اسم، اسم أن مؤخر، قال الله تعالى: (( ويحذركم الله نفسه )) كرر ذلك لأن المقام يقتضيه، يقتضي التحذير، فاحذر الله عزوجل، احذر الله أن يصيبك بعقابه إذا عصيته وخالفت أمره، والأول ((يحذركم الله نفسه)) في العمل، والثاني في الجزاء، الأول في العمل في موالاة الكفار، الثاني في الجزاء، لأنه ذكره بعد أن ذكر الجزاء الذي يكون يوم القيمة . ثم قال: (( والله رءوف بالعباد )) فيها قراءتان، قراءة الأولى: (( رءوف )) والقراءة الثانية: ((رءوف)) بدون واو (( رءوف رحيم )) (( والرءوف )) فعول من الرأفة وهي أشد الرحمة، أشد الرحمة، وأرق الرحمة، لأن الرأفة فيها شيء من الرق واللين أكثر من ما في الرحمة، وقوله: (( بالعباد )) جمع عبد، والمراد بهم الخلق، فهو من العبودية العامة . استشكل بعض العلماء إتيان قوله: (( والله رءوف بالعباد )) بعد قوله: (( ويحذركم الله نفسه )) وقال: كان مقتضى الحال أن يقال: ويحذركم الله نفسه والله شديد العقاب، لأن مقام التحذير يقتضي الوعيد، فأجيب عن ذلك بأن من رأفته عزوجل بالعباد أن حذرهم نفسه، وأخبرهم بأن الأمر عظيم، لأن إخبار الإنسان بحقيقة الحال لاشك أنه من الرأفة به، من الرأفة به، وإلا فليس من المناسب أن يهدد الإنسان بالتحذير ثم يقال و لك رأفة ورحمة، ولكن قالوا إن الرأفة بالعباد عائدة إلى إخبار العباد بحقيقة الأمر وتحذيرهم من مغبتهم، وهذا لاشك أنه وجه حسن وطيب.