فوائد الآية : (( فإن تولوا فإن الله عليمٌ بالمفسدين )) . حفظ
ففي هذه الآية الكريمة: تهديد من تولى عن دين الله عز وجل، ووجه ذلك: قوله: (( فإن الله عليم بالمفسدين )) لأن المقصود من ذكر علمهم بهم تهديده، وأنه لا يخفى عليه حالهم وسيعاقبهم بما تقتضيه حالهم . ومن فوائد الآية الكريمة: أن التولي عن دين الله فساد، كما قال الله تعالى: (( ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس )) . وهل التولي نفسه فساد أو أنه سبب للفساد ؟ الجواب على هذا أن نقول: هو فساد وسبب للفساد، ووجه كونه فسادا أنه إذا تولي عن دين الله حل محله ما سواه، ومعلوم أن دين الله صلاح وما سواه فساد، ولهذا نجد القوانين المحكمة في عباد الله لا تصلح الخلق، لا يصلح الخلق منها إلا ما وافق الشرع، وأما ما خالف الشرع فإنه فساد مهما كان واضع القوانين في الذكاء والفهم لأحوال الناس فإنهم إذا وضعوا القوانين ما يخالف شرع الله فإنه فساد في كل حال، إذا نفس التولي فساد ثم هو أيضا سبب للفساد، لأن الج والقحط وضيق الرزق والفتن كلها سببها المعاصي قال الله تعالى: (( ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون )) وقال الله تعالى: (( ولو أن أهل القرى آمنوا وتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون )) وقال الله تعالى: (( وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقه الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون ))، إذا فالتولي عن شريعة الله أيش؟ فساد وسبب للفساد . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن كل من تولى عن دين الله فهو مفسد، كل من تولى عن دين الله فهو مفسد وإن زعم أنه مصلح، لقوله: (( فإن الله عليم بالمفسدين )) ولهذا قال كثير من المفسرين في قوله تعالى: (( ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها )) أي لا تفسدوها بالمعاصي، فكل عاص فهو مفسد شاء أم أبى، وكل مطيع لله فهو مصلح، لأن بضدها تتبين الأشياء، فإذا كان العاصي مفسدا فالطائع مصلح، لكن الطائع في الحقيقة قد يكون صالحا بنفسه غير مصلح لغيره وقد يكون صالحا لنفسه مصلحا لغيره، فإذا كان عابدا داعيا إلى الله صار صالحا مصلحا وإذا كان عابدا غير داعيا لله صار صالحا غير مصلح لكنه ليس على وجه التمام في الصلاح لأن من تمام الصلاح أن تدعوا إلى الله عز وجل .