تفسير الآية : (( وقالت طآئفةٌ من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون )) . حفظ
ثم قال الله تعالى: (( وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار ... )) لما ذكر الله تعالى مكرهم بالقول ذكر مكرهم بالحيل الفعلية، القول: (( أنهم يلبسون الحق )) بأيش؟ (( بالباطل )) الحيل الفعلية هذه الحيلة الماكرة (( قالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره)) ((آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا )) يعني القرآن، وإن شئت فقل: الشريعة كلها، (( آمنوا به وجه النهار )) أي أوله، والدليل على أن المراد بوجه النهار أوله قوله: (( واكفروا آخره )) وهذا أحد الطرق الذي يعرف به معنى الكلمات في القرآن الكريم، أن يعلم معنى الكلمة بذكر مقابلها، كقوله تعالى: (( فانفروا ثبات أو انفروا جميعا ))، لو قال لك قائل: ما معنى (( ثبات )) ؟ نشوف قسيمها ، (( أو انفروا جميعا )) إذا انفروا ثبات يعني وحدانا متفرقين . هنا وجه النهار لو قال قائل: ما الذي علمنا أن وجه النهار أوله؟ لماذا لا يكون وجه النهار وسطه ؟ قلنا: دلنا على ذلك قوله وقفه آخره ، (( لعلهم )) الضمير يعود على (( المؤمنين ))، (( يرجعون )) أي يرجعون عن دينهم، لأنكم أنتم أهل الكتاب فإذا آمنتم أول النهار ثم رجعتم قال الناس لو لا أنهم علموا أن هذا دين باطل لم يرجعوا، كيف المكر، ادخلوا معهم في أول النهار وصلوا كما يصلون واحضروا مجالس الذكر وإن وجد بكاء فابكوا كونوا معهم تماما وإذا كان في آخر النهار اكفروا قولوا كفرنا بهذا الدين، لأن الناس إذا فعلتم هكذا قالوا لو لا هذا الدين باطل ما كفر هؤلاء بعد إيمانهم، لأن الإنسان إذا آمن بالدين وكان الدين حقا ثبت عليه لم يرجع، والدليل على هذا: أن هرقل سأل أبا سفيان حين ما لاقاه في الشام سأله عن أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم قال : هل يرجع أحد منهم عن دينه بعد أن يدخل فيه ؟ قال: لا، قال: هكذا الإيمان إذا خالط بشاشة القلوب لم يرجع أو كلمة نحوها، المهم أن هؤلاء يموهون على الناس بفعلهم فإن الناس يقولون لو لا أن الناس علموا بطلانهم ما رجعوا عنه، لأن الإنسان بطبيعته لا يرجع عن أيش؟ عن دين الحق (( لعلهم يرجعون )) .