تتمة تفسير الآية : (( إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلافٍ من الملآئكة منزلين )) . حفظ
الطالب: (( إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين وما جعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم ليقطع طرفا من الذين كفروا أو يكبتهم فينقلبوا خائبين ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون )).
الشيخ : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قال الله تعالى: (( إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم ... ))
قوله: إذ، هذه ظرف، والقاعدة في اللغة العربية أن الظرف والجار والمجرور لابد له من متعلق، وذلك لأن الظرف والجار والمجرور يقعان موقع المفعول به، وما كان واقعا موقع المفعول به فلابد له من عامل يكون واقعا عليه، وقوله: (( إذ تقول )) إذا قلنا إنها تحتاج إلى متعلق فأين متعلقها ؟ قيل: إن متعلقها قوله: (( ولقد نصركم الله ببدر )) نصركم إذ تقول للمؤمنين، ولكن هذا قول ضعيف، والقول الثاني: أنه بدل من قوله: (( وإذ غدوت من أهلك تبوء المؤمنين مقاعد للقتال )) والتقدير: وإذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم، التقدير: إذ تقول للمؤمنين، إذ غدوت إذ تقول للمؤمنين، وهذا أقرب، ثم إن قوله: (( إذ تقول للمؤمنين )) الخطاب فيه للنبي صلى الله عليه وسلم، وهذا من الخطاب الخاص به الذي لا يتعدى إلى الأمة، وقوله: (( للمؤمنين )) يعني بهم الصحابة رضي الله عنهم، ووصفهم بالإيمان دون الصحبة لأنه ـ أعني الوصف بالإيمان ـ هو مناط النصر في كل وقت حتى فيما بعد الصحابة فإن الله ينصر الذين آمنوا.
(( أن يكفيكم )) هذه مقول القول، أي إذ تقول لهم هذا الكلام: (( ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين )) قال أهل العلم: إن الصحابة رضي الله عنهم بلغهم أن المشركين صار بعضهم يمد بعضا على قتال النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فقال لهم الرسول صلى الله عليه وسلم: ألن يكفيكم ، أي يكون كافيا لكم هذا الأمر أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين، (( بثلاثة آلاف من الملائكة)) الملائكة هم عالم غيبي خلقهم الله تعالى من نور، ووجه لهم عبادات وأعمالا يقومون بها لا يعصون الله فيها ويفعلون ما يؤمرون، فليس عندهم استكبار تكون به المعصية، وليس عندهم عجز يكون به تخلف الفعل، بل هم سامعون مطيعون قادرون على تنفيذ أمر الله، بخلاف البشر فإنه يكون عندهم استكبار فيعصون الله، ويكون عندهم عجز فلا يقدرون على تنفيذ أمر الله، أما الملائكة فعندهم قوة لا يعجزون عن امتثال أمر الله وعندهم انقياد تام فلا يعصون الله سبحانه وتعالى .
وقوله: (( بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين )) منزلين من أي مكان ؟ من السماء، لأن الأصل أن مكان الملائكة السماء، ولكن هناك ملائكة يكونون مع الإنسان كالكرام الكاتبين والحفظة الذين يتعاقبون على الإنسان ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، وإلا فالأصل أنهم في السماء .
وقوله: (( منزلين )) فيها قراءتان: (( منزلين )) و (( منزلين )) فعلى قراءة التخفيف تكون من أنزل، وعلى قراءة التشديد تكون من نزل، والمعنى واحد، والذي ينزلهم هو الله سبحانه وتعالى لأنهم ينزلون بأمره .