تتمة تفسير الآية : (( وسارعوا إلى مغفرةٍ من ربكم وجنةٍ عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين )) . حفظ
الشيخ : فهذا الحديث في رفعه نظر، لماذا ؟ لأن الآية لا تدل على أن الجنة ملأت السموات والأرض وصارت في محلهما، بل تدل على أن عرضها عرض السموات والأرض وإن كانت هي فوقهم، ولذلك نقول: إن الجنة فوق السموات والأرض كلها. كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه أعلى الجنة ومنه تفجر أنهار الجنة وفوقَها ـ وفوقُها ـ عرش الرحمان ) وهذا يدل على أن الجنة فوق السموات، وأما النار فهي في أسفل السافلين، وعلى هذا فلا يكون في الآية إشكال إطلاقا، ويحتمل أن نقول إن هذا اليهودي أراد أن يلبس ويشبه في القرآن ويتبع ما تشابه، وإن النبي صلى الله عليه وسلم إذا صح الحديث أجابه على وجه يبهت فيه ولا يتكلم، وعلى مقتضى أيش ؟ على مقتضى عقله فقال: ( أين الليل إذا جاء النهار )، وعلى كل حال فإن معنى الآية الكريمة أن هذه الجنة عرضها عرض السموات والأرض، طيب وطولها ؟ قال بعض أهل العلم: إنه إذا كان عرضها السموات والأرض فطولها أعظم وأعظم، لأن العادة أن العرض دون الطول، ولكن الصحيح أن عرضها واحدة ليس لها عرض وطول، وذلك لأنها مستديرة وليست مربعة، وإذا كانت كذلك فإن عرضها يكون طولها، هذا هو الصحيح الذي صححه جماعة من أهل العلم .
(( عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين )) الجملة في (( أعدت )) هل هي في محل جر صفة لجنة ؟ أو في محل نصب حالا من الجنة ؟
الطالب: صفة للجنة،
الشيخ : يعني في محل جر؟
الطالب: نعم،
الشيخ : صفة للجنة، هل يجوز أن تكون محل نصب حالا ؟
الطالب: لا،
الشيخ : لماذا ؟ مع أن الجنة نكرة،
الطالب: إذا وصفت،
الشيخ : والنكرة إذا وصفت جاز أن تأتي منها الحال، نعم ؟ طيب.
(( وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين )) من الذي أعدها ؟ أعدها الله عزوجل، وقد بين الله ذلك في آيات أخرى مثل قوله تعالى: (( وأعد لهم جنات تجري من تحتها الأنهار )) فالمعد هو الله، ولكنه ذكر بصيغة المجهول ليوافق قوله فيما سبق: (( أعدت للكافرين ))، المتقون هم الذين اتخذوا وقاية من عذاب الله بفعل أوامره واجتناب نواهيه.