تفسير الآية : (( وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذريةً ضعافًا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولاً سديدًا )) . حفظ
ثم قال الله عزوجل: (( وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا )) اللام في قوله: (( وليخش )) لام الأمر ، والفعل مجزوم بها بحذف الألف ، وأصل (( يخشى )) " يخشا " بالألف وسكنت اللام ، لام الأمر هنا لماذا ؟ وقعت بعد ... ، نعم وتسكن لام الأمر إذا وقعت بعد الواو والفاء وثم ، قال الله تعالى: (( ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم )) وقال الله تعالى: (( من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة فليمدد بسبب إلى السماء ثم ليقطع )) بخلاف لام التعليل فإنها مكسورة ولو وقعت بعد الواو أو ثم أو الفاء ، مثل قوله تعالى: (( ليكفروا بما آتيناهم وليتمتعوا )) لا تقرأها " وليتمتعوا " إلا إذا ثبت أن فيها قراءة بسكون اللام فحينئذ تكون اللام لام الأمر ولا تكون لام التعليل . وقوله: (( لو تركوا من خلفهم )) " لو " هنا شرطية ، فعل شرطها (( تركوا )) وجوابه (( خافوا عليهم )) لو تركوا خافوا عليهم ، وهنا خرجت الآية الكريمة عن الأكثر في جواب " لو " ، ما الأكثر في جواب " لو " إذا كان مثبتا ؟ أن تقترن به اللام فيقال: لو جاء زيد لجاء عمرو ، لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا لخافوا عليهم ، ولكن اللام تحذف أحيانا في جواب " لو " في الإثبات ، ومنه هذه الآية ، ومنه قوله تعالى: (( ولو نشاء لجعلناه أجاجا )) وفي نفس السياق قال في الزرع: (( لو نشاء لجعلناه حطاما )) ، أما إذا جاء جواب لو منفيا لما فالأفصح أن لا تذكر اللام ، فإذا قلت: لو جاء زيد ما قلت شيئا ، هذا أفصح من أن تقول: لما قلت شيئا ، لكن قد تقترن اللام بما النافية في جواب لو ، ومنه قول الشاعر:
ولو نعطى الخيار لما افترقنا ولكن لا خيار مع الليالي
إذا فعل الشرط في " لو " ؟ (( تركوا )) وجوابه ؟ (( خافوا عليهم )) ، وتكميلا للفائدة " لو " تأتي على أوجه ، هذا واحد تكون شرطية والثاني ؟ أن تكون مصدرية ، أن تكون مصدرية كقوله تعالى: (( ودوا لو تدهن فيدهنون )) أي ودوا إدهانكم فيدهنون ، وهل هي إذا جاءت شرطية هل تكون جازمة ؟ لا ، هي من أدوات الشرط غير الجازمة . وقوله تعالى: (( فليتقوا الله )) هذا أمر بالتقوى تأكيد للأمر بالخشية في قوله: (( وليخش )) يقول الله عزوجل مذكرا هؤلاء الذين يأكلون أموال اليتامى ويضيعونها يقول: (( وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم )) ليخشوا الخشية أشد الخوف ولا تكون إلا مع العلم ، لقوله تعالى: (( إنما يخشى الله من عباده العلماء )) فيقول يخشى هؤلاء الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا وفاعل مفعول (( يخشى )) محذوف أي ليخشى أن يضيعوا أموال اليتامى ويأكلوها ، وقوله: (( ذرية ضعافا )) الذرية هم الأولاد من بنين وبنات ، وأولاد البنين ، وأولاد بني البنين ، وأما أولاد البنات وأولاد بنات البنات وبني البنات فإنهم لا يدخلون في الذرية ، هذا هو المشهور عند أهل العلم . فإن قال قائل: هذا وقف على ذريتي لم يدخلوا أولاد البنات في هذا الوقف ؟