تتمة تفسير الآية : (( وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذريةً ضعافًا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولاً سديدًا )) . حفظ
تتمة تفسير الآية الكريمة: (( وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا )) . فلو قال قائل: هذا وقف على ذريتي لم يدخل أولاد البنات في هذا الوقف ، لأن أولاد البنات ليسوا من الذرية ، فهم كالأولاد و البنين لا يدخل فيهم أولاد البنات ولا بنو أولاد البنات ، فإن قال قائل: هذا القول ينتقض بعيسى بن مريم فإن الله تعالى جعله من ذرية ابراهيم وهو ابن بنت ؟ موافقون ؟ هو ابن بنت أو غير ؟ هو ابن بنت ، فيقال في الجواب عن ذلك أنه لا أب له فأمه أبوه ، أمه أبوه ، ولهذا قال العلماء رحمهم الله: إن ولد الزنا أمه ترثه بالفرق والتعصيب ، لأنها أم أب إذ لا أب له شرعا ، إذا (( ذرية )) يعني أولادا أو أولاد أبناء لا أولاد بنات ، وقوله: (( ضعافا )) يعني لا يستطيعون أن يتكسبوا لعدم رشدهم ولصغر سنهم ، فكل واحد من الناس إذا حضرته الوفاة وله أولاد صغار سوف يخاف عليهم ويفكر ويقدر من يتولاه بعده ، ولكن المؤمن يقول كما قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله حين قال له: ألا توصي لولدك ؟ قال: إن كان ولدي صالحا فالله يتولى الصالحين كما قال تعالى: (( إن ولي الله الذي أنزل الكتاب وهو يتولى الصالحين )) وإن كانت الأخرى فلن أعينه على فساده ، شف الفطنة ، جواب صديد ، فأقول إن الضعيف من الأولاد هو الصغير أو المجنون أو السفيه الذي ليس لديه رشد ولا يستطيع التصرف بنفسه ، وقوله: (( خافوا عليهم )) من أي شيء ؟ من الضياع وأكل أموالهم (( فليتقوا الله )) والتقوى هي اتخاذ وقاية من عذاب الله بفعل أوامره واجتناب نواهيه ، هذا أجمع ما قيل في التقوى ، وهذا إذا أطلقت التقوى وأفردت ، أما إذا قيدت فإنها بحسب ما قيدت به ، مثل قوله تعالى: (( واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله )) وكذلك إذا قرنت بالبر صار معناها: اجتناب المعاصي ، ومعنى البر: فعل الطاعة فعل الأوامر ، إما إذا أطلقت فهي تشمل هذا وهذا (( فليتقوا الله )) أي يتخذوا وقاية منه ، من عذابه ، (( وليقولوا قولا سديدا )) (( وليقولوا قولا سديدا )) ما هو السديد ؟ القول السديد ما سد موضعه أي ما كان صوابا موافقا للحكمة ، انتبه ! القول السديد ما سد موضعه بأن يكون صوابا موافقا للحكمة ، وليس كل قول لين يعتبر سديدا ولا كل قول قاس يعتبر سديدا ، قد يكون السداد بالشدة ، شدة القول وقد يكون السداد بلين القول ، وانظر إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم كيف يشتد أحيانا بقوله وكيف يلين أحيانا بقوله ، وقوله عليه الصلاة والسلام كله سداد وكله سديد بلاشك ، فليس السديد أن تلين بالقول ولا أن تشتد به ولكن أن يكون قولك صوابا مطابقا للحكمة والحكمة تختلف باختلاف الأحوال وباختلاف الأشخاص وباختلاف ما موضوع الكلام ، لو أن رجلا أراد أن يخطب في قوم أسرفوا على أنفسهم ووقعوا بالمحارم فما هو السداد في خطبته ؟ أن تكون الخطبة قوية وبانفعال وبزجر شديد وكأنه جيش يقول سبحكم ومساكم ، وإذا كان يخطب مع قوم ليسوا بهذه المثابة ولا يرون الشدة في القول بل ربما ينفرهم فإنه في هذه الحال يلين لهم القول ، فالقول السديد ما سد محله بأن كان صوابا موافقا للحكمة . هل ورد ذكر القول السديد في غير الآية هذه ؟ نعم (( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا )) هنا (( وليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا )) ما هي النتيجة لتقوى الله وقول السديد ؟ النتيجة قال الله تعالى: (( يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم )) نتيجة من أحب ما يكون من النتائج (( يصلح لكم أعمالهم )) الدينية والدنيوية (( و يغفر لكم ذنوبكم )) أي ما أذنبتموه ، فعلينا أن نأخذ بهذه التوجيهات الإلهية والأوامر فنتقي الله ونقول قولا سديدا