فوائد الآية : (( ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارًا خالدًا فيها وله عذابٌ مهينٌ )) . حفظ
قال الله تعالى: (( ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين )) . من فوائد هذه الآية الكريمة: تقسيم المخالف إلى عاص ومتعدي لحدود الله ، فالمعصية هنا فعل المحرم ، وتعدي الحدود ترك الواجب أو الغلو فيه . ومن فوائدها: أن معصية رسول الله كمعصية الله ، لأنه قرنها بمعصية الله بحرف يقتضي التسوية . ومن فوائدها: أن من جمع بين أمرين: المعصية وتعدي الحدود فإنه يدخل النار ، ولكن هل هو دخول أبدي أو دخول مؤقت ؟ يقال حسب المعصية ، لأن الله ذكر في الآية التي قبلها أن من أطاع الله رسوله دخل الجنات ، وهنا قال: من عصى الله ورسوله دخل النار ، فيقال: الطاعة الغالبة يدخل فيها صاحبها الجنة بدون أن يدخل النار ، والمعصية الغالبة يدخل فيها الغالب أن ما فيها طاعة يدخل فيها النار ... ، والجامع بين الطاعة والمعصية ؟ هذا يدخل النار والجنة ، لأنه وجد فيه سبب دخول الجنة والنار فيعطى الحكم (( جزاء وفاقا )) ، وعلى هذا فالعاصي عاصية مطلقة والمتعدي لحدود تعديا مطلقا هذا يدخل النار ولا يدخل الجنة ، والذي جمع بين المعصية والطاعة إن غلبت الطاعة لم يدخل النار وإن غلبت المعصية دخل النار بقدر ذنبه وخرج منها . ومن فوائدها: إثبات الخلود في النار ، لقوله: (( خالدا فيها )) وقد ذكر الله سبحانه وتعالى أن الخلود في النار مؤبد في آيات ثلاث من القرآن : في سورة النساء ، وفي سورة الأحزاب ، وفي سورة الجن ، ففي سورة النساء قال الله تعالى: (( إن الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر له ولا ليهدهم طريقا إلا طريق جهنم خالدين فيها أبدا وكان ذلك على الله يسيرا )) ، وفي سورة الأحزاب قال الله تبارك وتعالى: (( إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيرا خالدين فيها أبدا لا يجدون وليا ولا نصيرا )) ، وفي سورة الجن قال: (( ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا )) وإذا كان الله تعالى ذكر التأبيد في آيات ثلاث فإن أي قول يخالف ذلك فهو ساقط ، لأن من لزوم الخلود لزوم المكان ، إذا قال هذا خالد في النار أبدا ، لزم أن يكون المكان الذي يخلد فيه مؤبد وإلا فلا معنى للتأبيد ، فالقول لبعض العلماء أنهم خالدون فيها أبدا مادامت باقية قول ساقط لا وجه له من ال ... ، لأن الله صرح بالتأبيد ، تأبيد الخلود ويلزم من تأبيد الخلود في المكان أبدية المكان وإلا لم يكن فائدة . ومن فوائدها: أن الذين في النار ـ والعياذ بالله ـ يعذبون عذبا مهينا ، أي ذا إهانة ، ليسوا مكرمين . فإن قال قائل: كيف فتجمع بين هذه الآية وبين قوله تعالى: (( ثم صبوا فوق رأسه من عذاب الحميم ذق إنك أنت العزيز الكريم )) ؟ فالجواب من أحد وجهين: إما أن يكون ذلك على سبيل التهكم به ، وإما أن يكون هذا ليذكر حاله في الدنيا يعني أنت العزيز الكريم في الدنيا حتى يزداد حسرة وهو أنه كان في الدنيا عزيزا كريما والآن ذليلا مهينا ، وكلا الأمرين ـ والعياذ بالله ـ يحصلان لهذا الذي يوجه إليه الخطاب ، يصب من فوق رأسه الحميم ثم يقال: (( ذق إنك أنت العزيز الكريم )) لاشك أنه سوف يرى أنه يقال له ذلك على سبيل التهكم ثم يذكر هو أيضا حاله في الدنيا وأنه في الدنيا عزيز مكرم والآن وصل إلى هذا الحد من الإهانة .