فوائد الآية : (( واللذان يأتيانها منكم فآذوهما فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما إن الله كان توابًا رحيمًا )) . حفظ
ثم قال الله عز وجل: (( واللذان يأتيانها منكم فآذوهما فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما إن الله كان توابا رحيما )) . يستفاد من هذه الآية الكريمة: أن اللواط له حكمان: الحكم الأول ما دلت عليه الآية ، والحكم الثاني ما دلت عليه السنة ، أما ما دلت عليه الآية فهو أن الذي يتفحش من الرجال يؤذى بالقول ، يؤذى بالفعل ، يؤذى بالهجر ، يؤذى بأنواع الأذى ، وكثير من الناس قد تكون أذيته أشد من ضربه وأشد من حبسه ، أما الحكم الثاني ما دلت عليه السنة وهو قتل الفاعل والمفعول به ، لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به ) ولا يحمله هنا المطلق على المقيد فيقال: اقتلوا الفاعل والمفعول به إذا كانا محصنين ، كما هو الشأن في الزنا ، وذلك لأن من شرط حمل المطلق على المقيد أن يكون الحكم واحدا والسبب واحدا ، وهنا اختلف السبب والحكم ، فهنا كالسبب الزنا وهو في فرج يحل في الجملة ، صح ؟ متى يحل ؟ بعقد النكاح الصحيح أو ملك اليمين ، وهذا استباحة فرج لا يحل أبدا ، كذلك أيضا هذه الفاحشة يعصر التحرز منها بخلاف الزنا ، لأنها تكون بين الذكور ومن يحبس الذكور بعضهم عن بعض لا يمكن حبسه ، التحرز منها صعبة ، فإذا لم يكن لها عقوبة قوية انتشرت في المجتمع ، وإذا انتشرت في المجتمع فسد الرجال والنساء ، لأن من عقوبة اللوطي ألا يشتهي النساء فإذا لم يشتهي النساء بقيت النساء متعطلة وحصل الشر والفساد ، والدليل أن من عقوبة اللوطي أنه ينزع منه شهوة النساء قول لوط لقومه: (( أتأتون الذكران من العالمين وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم )) فإنهم لم يذروا النساء إلا لأنها صلبت شهوة النساء من نفوسهم وإلا فإن الإنسان بفطرته يميل إلى النساء ، وهذه العقوبة إذا انتشرت في المجتمع فسدت فسد رجاله ونسائه وتعطلت مصالحه ، فلهذا كانت الحكمة تقتضي القضاء على هذه الجرثومة الفاسدة قتل ، ولا يصلح أن يحمل هذا المطلق على المقيد لما علمتم من اختلاف السبب والحكم ، وقد ذكر شيخ الإسلام رحمه الله أن الصحابة أجمعوا على قتل الفاعل والمفعول به إلا أنهم اختلفوا في كيفية القتل ، فمنم من قال يلقيان من شاحق من أعلى مكان في البلد ثم يتبعان بالحجارة ، ومنهم من قال يرجمان ، ومنهم من حرق اللوطي ، الفاعل والمفعول به ، لأن جريمتهما عظيمة ومنكرة ، سماها لوط: الفاحشة ، والزنا في كتاب الله (( إنه كان فاحشة )) والأول أشد . ومن فوائدها: أن من تاب وأصلح وجب الكف عن عقوبته ، وقد صرح الله في آية المحاربين في سورة المائدة أن ذلك مشروط بما إذا تاب قبل القدرة عليهم ، قال تعالى: (( إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم )) أما لو تاب بعد القدرة فإنه لا تغفر عنه العقوبة ، لكن الذي يظهر من السنة أن ما ثبت بإقرار ثم تاب فإنه يترك يتوب ، ودليل ذلك حديث ماعز بن مالك رضي الله عنه حين جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأقر عنده بالزنا فأمر برجمه فلما أدلقته الحجارة يعني أصابه مس الحجارة هرب ولكن الصحابة لكون الرسول عليه الصلاة والسلام أمرهم برجمه قالوا لابد من تنفيذ أمر الرسول عليه الصلاة والسلام ، فنفذوا الرجم ثم أخبروا النبي صلى الله عليه وآله وسلم بذلك فقال: ( هل لا تركتموه يتوب فيتوب الله عليه ) فدل ذلك على أن المقر إذا تاب ولو في أثناء الحد فإنه يترك يتوب الله عليه .
ومن فوائدها: أن التوبة من الذنب لابد أن يقرانها إصلاح ، لقوله: (( فإن تابا وأصلحا )) ولكن كيف تكون التوبة مثل هذا ؟ قيل: إن التوبة مثل هذا أن يراود فيمتنع ، يعني مثلا يقال لهذا المفعول به يعني نريد أن نفعل بك فإذا امتنع دل ذلك على توبته ، ويقال لفاعل هذا يريد أن تفعل به ، فإذا أبى فهذا توبته ، وكذلك يقال في الزانية ، لكن هذا القول قول منكر بعيد عن الصواب ، لأن المراودة لا تكون إلا في حال السر ، أليس كذلك ؟ ما هو الواحد يعني يراود شخص أمام الناس ، ستكون في حال السر ، ثم إن المراود إن كان المراود أهلا للفعل يعني يتوقع منه أن يفعل لأنه قد يستجيب وحينئذ تقع الفاحشة ، وإن كان المراود ليس أهلا أن يفعل فسينتبه المراود أن هذا يريد أن يختبره فيمتنع ، وبهذا نعرف أن هذا القول لا أساس له من الصحة ، ولكن التوبة كغيرها من ال . التوبة من هذه كغيرها من ، إذا عرفنا أن الرجل عزل عن هذا الشيء وصار لا يذهب إلى المجالس التي فيها هذه الفاحشة وما أشبه ذلك ، عرفنا أنه تاب ، ولهذا قرن التوبة هنا بالإصلاح فلابد من شيء يدل على أنه تاب وهو إصلاح العمل والبعد عن هذه الفاحشة . ومن فوائدها: إثبات أن الحكم يدور مع سببه وجودا وعدما ، وجهه ؟ أنه قال: (( فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما )) إذا لما زالت العلة زال الحكم وهو كذلك ، الحكم يدور مع علته وجودا وعدما ، ولكن إن كانت العلة منصوصة ، منصوصا عليها فإنها إذا تخلفت فلابد أن يتخلف الحكم وإن كانت مستنبطة فلا ينبغي أن يتخلف الحكم بتخلفها ، لأنه من الجائز ألا تكون العلة شرعا في هذه العلة المستنبطة فنلغي حكما من أحكام الله ثابتا بمجرد الاحتمال ، أما لو نص عليها فإن الحكم يدور معها مثل قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ( إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الثالث من أجل أن ذلك يحزنه ) فإن هذا يدل على أنه لو كان لا يحزن بهذا التناجي جاز ، جاز ذلك . ومن فوائدها: إثبات اسمين من أسماء الله ، وهما: التواب والرحيم ، وقد سبق لنا معنى التواب ولماذا جاء بصيغة المبالغة ومعنى الرحيم .
ومن فوائدها: أن التوبة من الذنب لابد أن يقرانها إصلاح ، لقوله: (( فإن تابا وأصلحا )) ولكن كيف تكون التوبة مثل هذا ؟ قيل: إن التوبة مثل هذا أن يراود فيمتنع ، يعني مثلا يقال لهذا المفعول به يعني نريد أن نفعل بك فإذا امتنع دل ذلك على توبته ، ويقال لفاعل هذا يريد أن تفعل به ، فإذا أبى فهذا توبته ، وكذلك يقال في الزانية ، لكن هذا القول قول منكر بعيد عن الصواب ، لأن المراودة لا تكون إلا في حال السر ، أليس كذلك ؟ ما هو الواحد يعني يراود شخص أمام الناس ، ستكون في حال السر ، ثم إن المراود إن كان المراود أهلا للفعل يعني يتوقع منه أن يفعل لأنه قد يستجيب وحينئذ تقع الفاحشة ، وإن كان المراود ليس أهلا أن يفعل فسينتبه المراود أن هذا يريد أن يختبره فيمتنع ، وبهذا نعرف أن هذا القول لا أساس له من الصحة ، ولكن التوبة كغيرها من ال . التوبة من هذه كغيرها من ، إذا عرفنا أن الرجل عزل عن هذا الشيء وصار لا يذهب إلى المجالس التي فيها هذه الفاحشة وما أشبه ذلك ، عرفنا أنه تاب ، ولهذا قرن التوبة هنا بالإصلاح فلابد من شيء يدل على أنه تاب وهو إصلاح العمل والبعد عن هذه الفاحشة . ومن فوائدها: إثبات أن الحكم يدور مع سببه وجودا وعدما ، وجهه ؟ أنه قال: (( فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما )) إذا لما زالت العلة زال الحكم وهو كذلك ، الحكم يدور مع علته وجودا وعدما ، ولكن إن كانت العلة منصوصة ، منصوصا عليها فإنها إذا تخلفت فلابد أن يتخلف الحكم وإن كانت مستنبطة فلا ينبغي أن يتخلف الحكم بتخلفها ، لأنه من الجائز ألا تكون العلة شرعا في هذه العلة المستنبطة فنلغي حكما من أحكام الله ثابتا بمجرد الاحتمال ، أما لو نص عليها فإن الحكم يدور معها مثل قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ( إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الثالث من أجل أن ذلك يحزنه ) فإن هذا يدل على أنه لو كان لا يحزن بهذا التناجي جاز ، جاز ذلك . ومن فوائدها: إثبات اسمين من أسماء الله ، وهما: التواب والرحيم ، وقد سبق لنا معنى التواب ولماذا جاء بصيغة المبالغة ومعنى الرحيم .