تفسير الآية : (( إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالةٍ ... )) . حفظ
ثم قال الله عز وجل: (( إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليما حكيما )) (( إنما التوبة )) هذه مبتداء مسبوق بأداة الحصر وهي " إنما " ، وخبر مبتداء قوله: (( على الله )) أو قوله: (( للذين يعملون السوء بجهالة )) يحتمل هذا أو هذا ، وقوله: (( إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء )) (( السوء )) يعني العمل السيئ كالمنكرات فعل المحظورات أو ترك الواجبات ، ولكنه قيدها بقوله: (( بجهالة )) والمراد بالجهالة هنا السفاهة وليست الجهلة ، لأن فاعل السوء بجهل معذور لا ذنب عليه ، لقول الله تعالى: (( ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا )) ولكن المراد بالجهالة هنا السفاهة ، ومنه قول الشاعر الأول:
ألا لا يجهلن أحد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلين
(( ثم يتوبون من قريب )) يعني إذا عملوا السوء بجهالة تابوا إلى الله من قريب ، والقريب هنا ما كان قبل الموت ، فإذا تابوا قبل الموت تاب الله عليهم ، ولكن سيأتينا في الفوائد أنه نجب التوبة فوارا ، (( ثم يتوبون من قريب )) (( يتوبون )) يرجعون إلى الله وذلك بترك ما قاموا به من السوء أو فعل ما تركوا من الجواب (( فأولئك يتوب الله عليهم )) هذه الجملة باعتبار ما قبلها تأكيد ، لأن هذا الحكم مفهوم من قوله: (( إنما التوبة على الله )) ولكنه أكد ما التزم عزوجل على نفسه بقوله: (( فأولئك يتوب الله عليهم )) ، وأشار إليهم بأولئك مع أنهم باعتبار الحديث عنهم في محل القرب ، والقريب يشار إليه بأيش ؟ بهؤلاء ، لكن هنا قال: (( أولئك )) أشار إليهم بإشارة البعيد إشارة إلى علو منزلهم بالتوبة ، (( وكان الله عليما حكيما )) أي ذا علم وحكمة ، فالعلم: إدراك الشيء على ما هو عليه ، وهذا التعريف يخرج الجهلين جميعا الجهل البسيط والجهل المركب ، لأن الجهل البسيط ليس فيه إدراك مطلقا والجهل المركب فيه إدراك الشيء على غير ما هو عليه ، فالعلم إدراك الشيء على ما هو عليه ، بالنسبة لعلم الله عزوجل علم كامل شامل ، كامل أي أنه لم يسبق بجهل ولم يلحق بنسيان ، قال موسى عليه الصلاة والسلام لفرعون حين قال: (( ما بال القرون الأولى قال علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى )) (( لا يضل )) لا يجهل ، (( ولا ينسى )) ما علم ، وهو كذلك شامل ، قال الله تعالى: (( لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما )) وقد بين الله تعالى علمه في كتابه أحيانا بالإجمال والعموم وأحيانا بالتفصيل ، ففي قوله تعالى: (( وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين )) فهذا تفصيل ، وقوله: (( إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت )) والله يعلم ذلك أيضا فيه شيء من التفصيل ، وأما الإجمال فكثير في القرآن ، والعلم أشمل من القدرة وأوسع ، لأنه يتعلق بكل شيء حتى في الممتنع بخلاف القدرة فإنها شامل لكل شيء لكن ما كان مستحيلا فليس بشيء بالنسبة للقدرة ، أما العلم فيشمل حتى المستحيل ، ألم تروا إلى قول الله تبارك وتعالى: (( لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا )) وقوله: (( ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلى بعضهم على بعض )) فإن تعدد الآلهة ممتنع مستحيل ومع ذلك أخبر الله أنه لو كان لكانت نتيجته كذا وكذا ، وقوله: (( حكيما )) مشتق من الحكم والحكمة ، فهو حاكم ومحكم ، حاكم إذا جعلناه مشتقا من الحكم ، ومحكم إذا جعلناه مشتقا من الحكمة . جاء وقت الأسئلة ؟ .
ألا لا يجهلن أحد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلين
(( ثم يتوبون من قريب )) يعني إذا عملوا السوء بجهالة تابوا إلى الله من قريب ، والقريب هنا ما كان قبل الموت ، فإذا تابوا قبل الموت تاب الله عليهم ، ولكن سيأتينا في الفوائد أنه نجب التوبة فوارا ، (( ثم يتوبون من قريب )) (( يتوبون )) يرجعون إلى الله وذلك بترك ما قاموا به من السوء أو فعل ما تركوا من الجواب (( فأولئك يتوب الله عليهم )) هذه الجملة باعتبار ما قبلها تأكيد ، لأن هذا الحكم مفهوم من قوله: (( إنما التوبة على الله )) ولكنه أكد ما التزم عزوجل على نفسه بقوله: (( فأولئك يتوب الله عليهم )) ، وأشار إليهم بأولئك مع أنهم باعتبار الحديث عنهم في محل القرب ، والقريب يشار إليه بأيش ؟ بهؤلاء ، لكن هنا قال: (( أولئك )) أشار إليهم بإشارة البعيد إشارة إلى علو منزلهم بالتوبة ، (( وكان الله عليما حكيما )) أي ذا علم وحكمة ، فالعلم: إدراك الشيء على ما هو عليه ، وهذا التعريف يخرج الجهلين جميعا الجهل البسيط والجهل المركب ، لأن الجهل البسيط ليس فيه إدراك مطلقا والجهل المركب فيه إدراك الشيء على غير ما هو عليه ، فالعلم إدراك الشيء على ما هو عليه ، بالنسبة لعلم الله عزوجل علم كامل شامل ، كامل أي أنه لم يسبق بجهل ولم يلحق بنسيان ، قال موسى عليه الصلاة والسلام لفرعون حين قال: (( ما بال القرون الأولى قال علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى )) (( لا يضل )) لا يجهل ، (( ولا ينسى )) ما علم ، وهو كذلك شامل ، قال الله تعالى: (( لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما )) وقد بين الله تعالى علمه في كتابه أحيانا بالإجمال والعموم وأحيانا بالتفصيل ، ففي قوله تعالى: (( وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين )) فهذا تفصيل ، وقوله: (( إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت )) والله يعلم ذلك أيضا فيه شيء من التفصيل ، وأما الإجمال فكثير في القرآن ، والعلم أشمل من القدرة وأوسع ، لأنه يتعلق بكل شيء حتى في الممتنع بخلاف القدرة فإنها شامل لكل شيء لكن ما كان مستحيلا فليس بشيء بالنسبة للقدرة ، أما العلم فيشمل حتى المستحيل ، ألم تروا إلى قول الله تبارك وتعالى: (( لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا )) وقوله: (( ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلى بعضهم على بعض )) فإن تعدد الآلهة ممتنع مستحيل ومع ذلك أخبر الله أنه لو كان لكانت نتيجته كذا وكذا ، وقوله: (( حكيما )) مشتق من الحكم والحكمة ، فهو حاكم ومحكم ، حاكم إذا جعلناه مشتقا من الحكم ، ومحكم إذا جعلناه مشتقا من الحكمة . جاء وقت الأسئلة ؟ .