تفسير الآية : (( ومن لم يستطع منكم طولاً أن ينكح المحصنات المؤمنات ... )) . حفظ
ثم قال الله تبارك وتعالى: (( ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمما ملكت أيمانكم )) قوله: (( ومن لم يستطع منكم )) " من " هذه اسم شرط جازم ، و(( فمما ملكت )) جواب الشرط ، وهنا نسأل اجتمع في هذه الجملة موجبان للجزم ، أحدهما " من " والثاني " لم " فهل الفعل مجزوم بمن أو مجزوم بلم ؟ نقول مجزوم بلم ، لأنها المباشر ، وعلى هذا فنقول (( يستطع )) فعل مضارع مجزوم بلم وهو فعل الشرط ، وقوله: (( ومن لم يستطيع منكم طولا )) الطول هو الغنى يعني من لم يستطع منكم غنى يكفي مهر المحصنات (( أن ينكح المحصنات )) أي الحرائر (( المؤمنات )) ضد الكافرات (( فمما ملكت أيمانكم )) يعني فانكحوا مما ملكت أيمانكم أي من التي ملكت أيمانكم وهن الإماء ، فيتجوز الإنسان أمة غيره لا أمة نفسه ، لو تزوج أمة نفسه لم يصح النكاح ، لأن ملك البضع بالملك أقوى من ملكه بالنكاح ولا يمكن أن يرد الأضعف على الأقوى ، إذا (( فمما ملكت أيمانكم )) يعني ملكت أيمان غيركم كرجل يريد أن يتزوج أمة زيد ، هذا ما يريد الله في هذه الآية (( فمما ملكت أيمانكم )) (( من فتياتكم المؤمنات )) " من " هذه بيان لـ" ما " في قوله: (( ما ملكت أيمانكم )) والفتيات جمع فتاة وهي الأمة ، فالفتاة تطلق على الشابة إلى أضيفت إلى الحرة ، وعلى المملوكة إذا أضيفت لرقيقة ، يقول: (( فمما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات )) (( المؤمنات )) ضد الكافرات ولو كتابيات فلابد أن تكون الأمة مؤمنة ، فالكافرة في هذا المقام ولو يهودية أو نصرانية لا يصح ، قال: (( والله أعلم بإيمانكم )) الله أعلم بإيمانكم يعني وليس لكم إلا الظاهر ، أما الباطن فعلمه إلى الله ، فإذا قال الإنسان: هذه أمة لا أدري هل هي مسلمة حقا أو مسلمة خوفا ، نقول الله أعلم بإيمانها أنت ليس لك إلا الظاهر ، (( بعضكم من بعض )) أتى بهذه الجملة للتساوي في البشرية ، لأن عند العرب أنفة عظيمة أن يتزوج الحر أمة فخفف الله ذلك عنهم وقال: (( بعضكم من بعض )) أنت لن تنكح إلا إنسانا ، فأنت معها بعضكم من بعض ، (( فانكحوهن بإذن أهلهن )) (( فانكحوهن )) همزة الوصل أو القطع ؟ الوصل لأنها من الثلاثي من " نكح " (( فانكحوهن )) أي الفتيات المؤمنات (( بإذن أهلهن )) أي أسيادهن ، وهنا قال: (( بإذن أهلهن )) لم يقل: بإذن أوليائهن لأنه لا ولاية لأحد في المملوكة إلا لسيدها لأن سيدها مالك لها عينا ونفعا فهو الذي يزوجها حتى لو كان لها الأب فإنه لا يزوجها مع وجود السيد ، (( وآتوهن أجورهن بالمعروف )) آتوا بمعنى أعطوا بخلاف أتوا فإنها بمعنى جاءوا ، قال الله تعالى: (( حتى إذا أتوا على وادي النمل )) أتوا أي جاءوا ، (( أجورهن )) أي مهورهن (( بالمعروف )) أي بما يتعارفه الناس وبما أقره الشرع بدون مماطلة وبدون منة ، لا تقولوا هذه أمة فتماطل بمهرها أو تمن به عليها .