شرح قول المصنف " ... وتدرك الصلاة بتكبيرة الإحرام في وقتها...". حفظ
الشيخ : ثم قال " وتُدرك الصلاة بتكبيرة الإحرام في وقتها " كلمة "الصلاة" عامة -يرحمك الله- لصلاة الفريضة وصلاة النافلة الموقّتة مثل صلاة الضحى ومثل الوتر فإنه مُوقّت وكذلك الرواتب فإنها موقّتة فالرواتب قبل الصلاة وقتُها من دخول وقت الصلاة إلى إقامة الصلاة، والرواتب التي بعده من انتهاء الصلاة إلى خروج الوقت، كل صلاة موقّتة تُدرك بإدراك تكبيرة الإحرام، دليل ذلك ليس هناك دليل لكنه هنا تعليلا وهو أن هذا الإنسان الذي أدرك تكبيرة الإحرام أدرك جُزء من الوقت والجزء، إدراك جزء كإدراك الكل لأن الصلاة لا تتبعّض فإذا أدرك مقدار ما يُكبِّر للإحرام كان مدركا لجميع الصلاة، هذا هو التعليل وهذا هو الذي ذهب إليه المؤلف رحمه الله وهو المشهور من مذهب الإمام أحمد، على أن الصلاة تُدرك بتكبيرة الإحرام سواء من أوّل الوقت أو من أخِر الوقت، من أوّل الوقت لو أن امرأة أدركت مِقدار تكبيرة الإحرام من صلاة المغرب مثلا ثم أتاها الحيض فهنا نقول هي قد أدركت الصلاة فيجب عليها إذا طَهُرت أن تُصلِّيَ المغرب لأنها أدركت مقدار تكبيرة الإحرام من الوقت، من أخره كما لو كانت امرأة حائضا ثم طهُرت قبل خروج الوقت بقدْر تكبيرة الإحرام فإن الصلاة تلزمُها لأنها أدركت من الوقت مقدار تكبيرة الإحرام.
هذا من جِهة الحكم، من جهة الثواب يُثاب من أدرك قدر تكبيرة الإحرام ثواب من أدرك جميع الصلاة وتكون الصلاة في حقّه أداءً لكنه لا يجوز كما سبق لنا في كتاب الصلاة، لا يجوز أن يؤخِّر الصلاة أو بعضها عن وقتها، يعني مثلا لو قال أنا سأؤخّر الصلاة حتى لا يبقى إلا مقدار تكبيرة الإحرام نقول هذا حرام وأنت آثِم ولكن مع ذلك نقول إنك قد أدركتها أداء.
هذا ما ذهب إليه وهو المذهب والقول الثاني أنها لا تُدرك الصلاة إلا بإدراك ركعة، لا تُدرك إلا بإدراك ركعة لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة ) وهذا القول هو الصحيح واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية لأن الحديث فيه ظاهر فهو جُملة شرطيّة ( من أدرك ركعة فقد أدرك ) مفهومه من أدرك ركعة دون ركعة فإنه لم يُدرك، وعلى هذا فلو حاضت المرأة بعد دخول الوقت بأقل من مقدار ركعة لم يلزمها القضاء لأنها لم تُدرك ركعة وكذلك لو طهُرت قبل خروج الوقت بأقل من ركعة فإنه لا يلزمها قضاء الصلاة لأنها لم تُدْرك ركعة، النبي عليه الصلاة والسلام يقول ( من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة ) ويَنْبني على هذا أيضا إدراكات أخرى ربما تأتينا إن شاء الله فيما بعد مثل إدراك الجماعة، هل تُدرك جماعة بركعة أو تُدرك بتكبيرة الإحرام؟ الصحيح أنها لا تدرك إلا بركعة كما أن الجُمعة لا تدرك إلا بركعة بالإتفاق فكذلك الجماعة لا تدرك إلا بركعة.
وقول المؤلف " بتكبيرة الإحرام في وقتها " يشمل وقت الضرورة ووقت الاختيار وليس عندنا صلاة لها وقتان إلا صلاة واحدة وهي العصر فلو أدرك تكبيرة الإحرام قبل غروب الشمس فقد أدرك صلاة العصر والصواب أنه لا يُدركها إلا بإدراك ركعة والحديث نص في ذلك حيث قال النبي عليه الصلاة والسلام ( من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر ) وهذا نص صريح في الموضوع يدل على القول الراجح.