شرح قول المصنف "... وإن أعير سترة لزمه قبولها...". حفظ
الشيخ : قال " فإن لم يكفهما فالدبر وإن أعير سترة وجب عليه قَبولها لزمه قبولها " إن شرطية وفعل الشرط أعير ولزِم جواب الشرط، إن أعير والعاريّة إباحة نفْع عين تبقى بعد استيفاءها، هذه العارية إباحة نفع عين تبقى بعد الاستيفاء وقوله " إن أعير " لم يذكر المؤلف الفاعل فيشمل أي إنسان يُعيره سواء كان هذا المعير من أقاربه أو من الأباعِد من المسلمين أو من الكفار، المهم متى وجد سترة لزِمه قبولها.
طيب وظاهر كلام المؤلف، نعم، إذا قال قائل ما هو الدليل أو التعليل لوجوب القبول، أفلا يكون عليه بذلك منّة؟ فالجواب أن نقول التعليل في هذا أن هذا الرجل قدِر على ستر عورته بلا ضرر ولا منّة لأن المنّة في مثل هذا الأمر، منّة يسيرة كل أحد يتحمّلها، كل الناس يستعيرون بعضهم من بعض وكل الناس يُعير بعضهم بعضا فالمنّة يسيرة لكن لو فُرِض أن هذه العاريّة أو هذه الإعارة يريد المعير أن تكون ذريعة لنيل مأرب له باطل، فماذا نقول؟ هنا لا يلزمه القبول لأنه يُخشى إذا لم أقم بما يريد أن يجعل ذلك سُلّما للمنّة عليّ وإذائي أمام الناس، أنا فعلت فيك وفعلت فيك وأعرتك وما أشبه ذلك، لكن الكلام على إعارة سالمة من المحذور يلزمه القبول لما ذكرنا أنفا في التعليل، وظاهر كلام المؤلف أنه لو أعطيَها هبة لم يلزم قبولها لأنه قال " إن أعير " وظاهر كلامه أيضا أنه لا يلزمه الاستعارة، فهل هذا القول الذي يُفهم من كلام المؤلف صحيح أو فيه نظر؟ ننظر، يقول لا يلزمه أن يقبله هبة لأن في ذلك منّة عظيمة قد يكون الثوب يُساوي مائة ريال مثلا ويكون بذلك منّة لا يستطيع الإنسان أن يتحمّلها فلا يلزمه قبول الهبة.
طيب هل يلزمه الاستعارة؟ يكون ظاهر كلام المؤلف لا وإلا بلى؟ لا يلزمه لأنه قال " إن أعير " ولم يقل يلزمه الاستعارة، لماذا؟ قال لأن في طلب العاريّة إذلال أو إذلالا للشخص، إذلالا للشخص وهذا عادِم لما يجب عليه، عادم لما يقوم به الواجب وهو الستر ولا واجب مع العجر فلا يلزمه أن يستعير، مع أنهم ذكروا في باب التيمّم أنه لو وُهِب لعادم الماء ماءٌ لزِمه قَبوله ولكنهم يُفرّقون بأن الماء لا تكون فيه المنّة كالمنّة بالثياب، الماء قليل يعني الماء المنّة فيه قليلة بخلاف الثياب ولكن يُقال قد يكون الماء في موضع العدم أغلى من الثياب فتكون المنّة فيه كبيرة ولكن نقول حتى وإن كان في موضع العدم فإن الإنسان الذي يُعطي الماء في موضع العدم يشعُر بأنه هو الرابح لأنه أنقذ معصوما بخلاف الثياب.
على كل حال القول الراجح في هذه المسألة نحن لا نحلّل كلام المؤلف لكن القول الراجح في هذه المسألة أنه يلزمه تحصيل السُترة بكل وسيلة ليس عليه فيها ضرر ولا منّة، كل وسيلة سواء ببيع أو باستعارة أو باستهاب أو بقبول هِبة أو ما أشبه ذلك لقوله تعالى (( فاتقوا الله ما استطعتم )) وهذا الإنسان مأمور بستر عورته فيجب عليه بقدر استطاعته أن يأتي بهذا الواجب.
والمسألة يختلف الناس فيها قد يكون طلبك من شخص هِبة لتستر عورتك قد يكون ذلك بمنزلة المنّة عليه لا منه، أليس هكذا؟
السائل : نعم.
الشيخ : نعم، قد يفرح أن تأتي إليه وتقول أنا في حاجة إلى ستر عورتي في صلاتي أعطني يفرح، هذا ليس في إعطاءه منّة ولا في الاستيهاب منه منّة وقد يكون بعض الناس لو يُعيرني لوجدت في ذلك غضاضة علي لأني أعرف أنه من الناس المنّانين وحينئذ يكون في قبولي إياها عاريّة فيه غضاضة عليّ فالصواب أن نأخذ قاعدة عامة وهو إيش؟ أنه يجب عليك تحصيل السُترة بكل طريق ليس فيه ضرر عليه ولا غضاضة هذه القاعدة قد يخرج منها ما ذكره المؤلف وقد يدخل فيها ما أخرجه المؤلف.