تتمة شرح قول المصنف"... فإن أخبره ثقة بيقين أو وجد محاريب إسلامية عمل بها...". حفظ
الشيخ : طيب وأفادنا المؤلف إن أخبره الثقة أنه لا يُشترط التعدد يعني لا يُشترط أن يخبره ثقتان وهذا بخلاف الشهادة لأن هذا خبر ديني فاكتُفي فيه بقول الواحد كما نعمل بقول المؤذّن في دخول الوقت بدون أن يتعدد المؤذنون، وأفادنا أيضا قوله ثقة أنه لو كان المخبر امرأة يوثق بقولها لكونها عدْلة وذات خبرة فإننا نأخذ بقولها والعلّة في ذلك أن هذا خبر ديني فيُقبل فيه قول الواحد كالرواية كما أننا نقبل رواية المرأة إذا كانت عدْلا حافظة كذلك نقبل قولها هنا لأن هذا من باب الأخبار الدينية التي يبعُد فيها الكذب إذا كان المخبر بها ثقة.
وقول المؤلف " بيقين " يعني -يرحمك الله- بأن أخبره عن مشاهدة أفادنا أنه لو أخبره الثقة عن اجتهاد فإنه لا يعمل بقوله مثل لو كان جماعة في سفر كلهم لا يعرفون القبلة ولا يستطيعون الاجتهاد إلى جهتها لكن فيه واحد منهم يعرف ذلك عن اجتهاد، فظاهر كلام المؤلف أننا لا نأخذ بقوله ولكن هذا فيه نظر والصواب أنه إذا أخبره ثقة سواء أخبره عن يقين أو عن اجتهاد فإنه يعمل بقوله كما أننا نعمل بقول الثقة بالاجتهاد في مسائل الدين، الحلال والحرام والواجب فكيف لا نعمل به في إخباره بالقبلة فالصواب أنه إذا أخبره ثقة سواء كان إخباره صادرا عن يقين أو صادرا عن اجتهاد فإنه يجب عليه العمل بقوله.
الثاني مما يُستدل به على القبلة قال " أو وجد محاريب إسلامية " .
"وجد محاريب إسلامية" فإنه يعمل بها يعني هو لا يعرف القبلة لا عن يقين ولا عن اجتهاد لكن وجَد المحاريب الإسلامية في المساجد متجهة إلى جهة ما فإنه يستدل بالمحاريب الإسلامية على جهة القبلة وهذا أمر معلوم وقوله محاريب إسلامية يُفهم منه أن المسلمين مازالوا يستعملون المحاريب وأن لهم محاريب خاصة تتميّز عن محاريب النصارى وغيرهم وهو كذلك وقد اختلف العلماء رحمهم الله في اتخاذ المحراب هل هو سنّة أو مستحب أو مباح؟ والصحيح أنه مستحب يعني لم ترد به السنّة لكن النصوص الشرعية تدل على استحبابه لما فيه من المصالح الكثيرة ومنها تعليم الجاهل بماذا؟ بالقبلة، وأما ما رُوِيَ عن النبي عليه الصلاة والسلام من النهي عن مذابح كمذابح النصارى يعني المحاريب فهذا النهي واضح أنه وارد على ما إذا اتخذت محاريب كمحاريب النصارى، أما إذا اتخذت محاريب متميّزة للمسلمين فإن هذا لا نهي عنه.
طيب وقال " أو وجد محاريب إسلامية عمل بها " طيب عُلِم بكلامه أنه لو وجد محاريب غير إسلامية لم يعمل بها، لماذا؟ لأنه لا يوثق ببناءهم كما لا يوثق بقولهم في مسائل الدين وإلا لكان يُمكن أن يقال إن المعروف عند غير المسلمين من أهل الكتاب أنهم يتجهون إلى بيت إيش؟ بيت المقدس، فإذا وجدنا محاريب لهم متجه إلى بيت المقدس ونحن مثلا في جهة بين بيت المقدس وبين الكعبة عرفنا أن القِبلة خِلاف محاريبهم لكننا لا نثق بمحاريبهم لأننا نخشى أن يكونوا قد بدّلوا أو غيّروا فلهذا قيّد المؤلف هذا بقوله " أو وجد محاريب إسلامية " قال الشارح " لأن اتفاقهم عليها مع تكرار الأعصار إجماع عليها فلا تجوز مخالفتها حيث علِمها المسلمين " .
الثالث مما يستدل به على القبلة.