شرح قول المصنف "... وتبطل صلاة مأموم ببطلان صلاة إمامه فلا استخلاف . حفظ
الشيخ : قال المؤلف " وتبطل صلاة مأموم ببطلان صلاة إمامه فلا استخلاف " .
صلاة المأموم لا شك أنها مرتبطة بصلاة الإمام ولهذا يتحمّل الإمام عن المأموم أشياء كثيرة منها التشهّد الأول إذا قام الإمام عنه ناسيا فإن المأموم يلزمه أن يُتابع إمامه، لقصة، لحديث عبد الله بن بحينة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم الظهر فقام من الركعتين ولم يجلس فقام الناس معه.
ومنها الجلوس الذي يُسمى جلسة الاستراحة فإن الإمام يتحمّله عن المأموم، أي إذا كان الإمام لا يجلس فإن المشروع في حق المأموم ألا يجلس لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( إنما جعل الإمام ليؤتم به ) ولأن المأموم يَدَع الجلوس للتشهّد الأول وهو واجب من أجل متابعة الإمام ولأن المأموم يجلس في ثانية الإمام وهي له أولى من أجل متابعة الإمام يعني لو دخلت في الركعة الثانية من الظهر أو العصر جلست في الركعة الأولى التي هي ثانية الإمام ولأن المأموم يدع التشهّد الأول في ثانيته التي هي للإمام ثالثة، كل ذلك من أجل متابعة الإمام، ولهذا نص شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله على أنه إذا كان الإمام لا يجلس للاستراحة فإن الأولى للمأموم أن لا يجلس لتحقيق المتابعة كما أنه إذا كان الإمام يجلس للاستراحة فالأولى للمأموم أن يجلس وإن كان هو لا يرى مشروعية الجلوس، من أجل متابعة الإمام لأن الشارع يحرص على أن يتفق الإمام والمأموم، أما الشيء الذي لا يقتضي تأخّرا عن الإمام ولا تقدّما عليه فهذا يتبع المأموم ما يراه، مثلا لو كان الإمام لا يرى رفع اليدين عند التكبير للركوع والرفع منه والقيام من التشهّد الأول والمأموم يرى أن ذلك مستحب فإنه يفعل ذلك لأنه لا يستلزم تأخّرا على الإمام ولا تقدّما عليه ولهذا قال الرسول ( إذا ركع فاركعوا إذا سجد فاسجدوا وإذا كبّر فكبروا ) والفاء تدل على الفورية والتعقيب لكن مسألة رفع اليدين ما يكون فيها تخلّف ولا سبق، فلا وكذلك أيضا لو كان الإمام يتورّك في كل تشهّد حتى في الثنائية يعني في كل تشهد يعقبه سلام حتى في الثنائية والمأموم لا يرى أنه يتورّك إلا في تشهّد ثان فيما يُشرع فيه تشهّدان فإنه هنا له أن لا يتورّك مع إمامه في الثنائية لأن هذا لا يؤدّي إلى تخلّف ولا سبق.
ويتحمل عنه أي الإمام عن المأموم سجود السهو بشرط أن يدخل المأموم مع الإمام في أول الصلاة يعني لا يفوته شيء من الصلاة فلو قُدِّر أن المأموم جلس للتشهّد الأول ونسي وظن أنه بين السجدتين فصار يقول رب اغفر لي وارحمني ولما أطال الإمام بدأ يُكرّر رب اغفر لي حتى قام الإمام فعرف أنه في التشهّد الأول فقام مع إمامه فهنا يتحمّل عنه الإمام سجود السهو إن كان لم يفُته شيء من الصلاة وذلك لأنه لو سجد في هذه الحال لأدى إلى مخالفة الإمام.
أما لو فاته شيء من الصلاة فإن الإمام لا يتحمّل عنه ومن ذلك أن الإمام يتحمّل عن المأموم قراءة غير الفاتحة في الصلاة التي يُشرع فيها قراءة زائد عن الفاتحة في الجهرية مثل لو قرأ الإمام في الجهرية الفاتحة وقرأت الفاتحة أنت ثم قرأ أيات أخرى فإنه يتحمّل ذلك عنك ولا يُشرع لك أن تقرأ شيئا من الأيات سوى الفاتحة.
ومنها السترة فإن سترة الإمام سترة للمأموم، المهم أن بين صلاة الإمام والمأموم ارتباطا وثيقا فمن ثمّ قال المؤلف "تبطل صلاة المأموم ببطلان صلاة الإمام" يعني إذا حدث للإمام ما يُبطل صلاته بطلت صلاته وصلاة المأمومين وإن لم يوجد منهم مُبْطل ولا يُستثنى من ذلك شيء إلا إذا صلى الإمام محدِثا ونسي أو جهِل ولم يعلم بالحدث أو لم يذْكر الحدث إلا بعد السلام فإنه في هذه الحالة أو في هذه الحال يلزم الإمام إعادة الصلاة ولا يلزم المأموم إعادتها حتى على المذهب، يعني لو صلى بهم محدثا أو على ثوبه نجاسة أو على بدنه نجاسة ولم يعلم بها إلا بعد الصلاة فإنه يلزمه الإعادة على المذهب ولا يلزم المأمومين.
وعلى هذا يقول المؤلف "فلا استخلاف" "وتبطل صلاة المأموم ببطلان صلاة الإمام فلا استخلاف" أي فلا يستخلف الإمام من يُتمّ بهم الصلاة إذا بطلت صلاته ولا نافية للجنس واستخلاف اسمها يعني أن الإمام إذا بطلت صلاته فإنه لا يستخلف من يصلي بهم، نعم.
مثال ذلك رجل إمام في أثناء صلاته سبقه الحدث ومعنى سبقه الحدث أنه أحدث ببول أو ريح أو غير ذلك من الأحداث فإن صلاته تبطل وتبطل صلاة المأموم فيلزمهم إعادة الصلاة.
طيب فإن أحس بالحدث وأمر من يُتم بهم الصلاة قبل أن تَبطل صلاتهم فهذا جائز لأنه استخلف بهم من يُتم الصلاة قبل أن تبطل صلاته فلما استخلف بهم من يُتم بهم الصلاة قبل بطلان الصلاة صار مستخلفا لهم وصلاته صحيحة والإمام النائب شرَع بهم وهم في صلاة صحيحة فيُتمُّها بهم.
فيكون قول المؤلف "فلا استخلاف" أي بعد بطلان الصلاة "وتبطل صلاة المأموم ببطلان صلاة الإمام فلا استخلاف" بعد بطلان صلاة الإمام.
ومن ذلك إذا شرع في الصلاة ثم ذكر في أثناءها أنه ليس على وضوء فإن صلاته تبيّن أنها غير منعقدة لأنه محدث والمحدث لا تنعقد صلاته، وماذا يصنع؟ لا يستخلف، بل يستأنف المأمومون صلاتهم ويذهب هو ويتوضّأ لأنه تبيّن في أثناء الصلاة أن صلاته باطلة ولا يُمكن أن يبني خليفتُه على صلاة باطلة، نعم، فلا استخلاف، وهذا الذي ذهب إليه المؤلف والمشهور من المذهب.