شرح قول المصنف "... ثم يقرأ بعدها سورة ...". حفظ
الشيخ : " ثم يقرأ بعدها سورة " قوله " ثم يقرأ " هل ثم هنا على معناها الأصلي؟ أي أنها تفيد الترتيب والتراخي أو لمجرّد الترتيب؟ هذا مبني على القول باستحباب السكوت بعد الفاتحة أو عدمه فإن قلنا باستحباب السكوت وهو المذهب صارت ثم هنا، هاه؟ على ظاهرها، على معناها الأصلي أي أنها للترتيب والتراخي وعلى هذا فيَسْكت الإمام بعد الفاتحة سكوتا ولكن كم مقدار هذا السكوت؟ قال بعض العلماء إنه بمقدار قراءة المأموم سورة الفاتحة وعلى هذا فيكون طويلا بعض الشيء وقيل بل إنه سكوت ليترادّ إلى الإمام نفسه وليتأمّل ماذا يقرأ بعد الفاتحة وليشرع المأموم في قراءة الفاتحة حتى يستمِرّ فيها لأن الإمام لو شرع فوْرا بقراءة السورة لم يبدأ المأموم بالقراءة وحينئذ تفوته والصحيح أن هذه السكتة سكتة يسيرة لا تُشرع بمقدار أن يقرأ المأموم سورة الفاتحة بل السكوت بمقدار أن يقرأ المأموم سورة الفاتحة إلى البدعة أقرب منه إلى السنّة لأن هذا السكوت طويل ولو كان النبي صلى الله عليه وسلم يسكت لكان الصحابة يسألون عنه كما سأل أبو هريرة رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم عن سكوته فيما بين التكبير والقراءة، فالصحيح أنها سكتة يسيرة فيها هذه الفوائد أولا التمييز بين القراءة المفروضة والقراءة المستحبة وثانيا ليترادّ إليه النفس وثالثا لأجل أن يَشرع المأموم في القراءة ورابعا ربما لا يكون قد أعدّ سورة يقرأ بها بعد الفاتحة فيتأمل ماذا يقرأ ثم يقرأ بعدها أي بعد الفاتحة، أفاد قوله "بعدها" أنه لا تُشرع القراءة قبل الفاتحة فلو نسي فقرأ السورة قبل الفاتحة أعادها بعد الفاتحة لأنه ذِكرٌ قاله في غير موضعه فلم يُجزئ بل لا بد أن يعيد، يقرأ بعدها سورةً وهذه القراءة على قول جمهور أهل العلم بل عامتهم سنّة وليست بواجبة لأنه لا يجب إلا قراءة الفاتحة وأفادنا المؤلف بقوله "سورة" إلى أن الذي ينبغي للإنسان أن يقرأ سورة كاملة لا بعض السورة ولا أيات من أثناء السور، هذه هي السنّة أن يقرأ سورة ولكن هل يُفرّقها بين ركعتين؟ سيأتي الكلام عليه، المهم أن لا يقرأ أيات من أثناء السور لأن ذلك لم يرِد عن النبي صلى الله عليه وسلم أطلقه ابن القيم قال "لم يكن من هديه أن يقرأ أيات من أثناء السور" ولكن ورد بل ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام قرأ في سنّة الفجر أيات من السورة فكان أحيانا يقرأ في الركعة الأولى يقول (( ءامنا بالله )) الأية وفي الثانية (( قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم )) والأصل أن ما ثبت في النفل ثبت في الفرض وهذه قاعدة دلّت عليها السنّة أن ما ثبت في نفل الصلاة فهو ثابت في الفرض إلا بدليل وما ثبت في الفرض فهو ثابت في النفل إلا بدليل لأنها عبادة من جنس والأصل اتفاقها في الأحكام ويدل لهذا أن الصحابة رضي الله عنهم لما حكوْا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي على راحلته يوتر عليها قالوا غير أنه لا يُصلي عليها المكتوبة فلما حكوْا أنه يوتر ثم قالوا غير أنه لا يصلي عليها المكتوبة دل ذلك على أن المعلوم أن ما ثبت في النفل ثبت في الفرض، على كل حال لا نرى أنه لا بأس أن يقرأ الإنسان أية من سورة في الفريضة وفي النافلة وربما يُستدل له أيضا بعموم قوله تعالى (( فاقرؤوا ما تيسر من القرأن )) لكن السنّة والأفضل أن يقرأ سورة والأفضل أن تكون كاملة في كل ركعة فإن شق فلا حرج عليه أن يقْسِم السورة بين الركعتين لأن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ ذات يوم سورة المؤمنون (( قد أفلح المؤمنون )) فلما وصل إلى قصة موسى وهارون أخذته سعلة فركع فدل هذا على جواز قسْم السورة لا سيما عند الحاجة وقوله "سورة" السورة هي طائفة من القرأن لها أول ولها أخر فسُمّيت بذلك لأنها مسوّرة بابتداء وانتهاء يعني لها محيط في الأول وفي الأخر ومنه قيل للحائط المحيط بالبيت سور، نعم، قال "سورة تكون"، طيب، قوله "سورة" يلزم من قراءة السورة أن يقرأ قبلها بسم الله الرحمان الرحيم وعلى هذا فتكون البسملة مكررة كم مرة؟ مرتين مرة للفاتحة ومرة للسورة أما إن قرأ من اثناء السورة فإنه لا يبسمل لأن الله لم يأمر عند قراءة القرأن إلا بالإستعاذة وأما البسملة فإنها لا تكون في أواسط السور.