شرح قول المصنف "... ثم يركع مكبرا...". حفظ
الشيخ : " ثم يركع مكبرا " يعني بعد القراءة يركع مكبّرا وقوله "ثم يركع" نقول فيها مثل ما قلنا في "ثم يقرأ بعد الفاتحة" أنها للترتيب والتراخي فينبغي قبل أن يركع أن يسكت سكوتا لكنه ليس سكوتا طويلا بل بقدْر ما يرتد إليه نفسه فإن ذلك قد جاء في حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه فيسكت بين القرأتين الفاتحة والسورة وبين القراءة والركوع لكنه ليس سكوتا طويلا بل سكوتا قصيرا.
وقوله "يركع" الركوع هو الإنحناء، الإنحناء في الظهر فيركع وهذا الركوع المقصود به تعظيم الله عز وجل فإن هذه الهيئة من هيئات التعظيم ولذلك كان الناس يفعلونها أمام الملوك والكبراء والأسياد، ينحنون لهم وربما يركعون وربما يسجدون والعياذ بالله لكن الركوع هيئة تدل على تعظيم الراكع بين يدي من ركع له ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام ( أما الركوع فعظّموا فيه الرب ) ليجتمع فيه التعظيم القولي والتعظيم الفعلي.
وقوله "مكبرا" حال من يركع، حال، مقارنة وإلا غير مقارنة؟ مقارنة، يعني في حال هُويّه إلى الركوع يكبر فلا يبدأ قبل ولا يؤخّره حتى يصل إلى الركوع أي يجب أن يكون التكبير فيما بين الإنتقال والإنتهاء حتى قال الفقهاء رحمهم الله لو بدأ بالتكبير قبل أن يُهوي أو أتمّه بعد أن يصل إلى الركوع فإنه لا يجزؤه لأنهم يقولون إن هذا تكبير في الإنتقال، في الإنتقال فمحله ما بين الركنين فإن أدخله في الركن الأول لم يصح وإن أدخله في الركن الثاني أيضا لم يصح لأنه مكان لا يُشرع فيه هذا الذكر فالقيام لا يُشرع فيه التكبير والركوع لا يُشرع فيه التكبير إنما التكبير بين القيام وبين الركوع ولا شك أن هذا القول له وجهة من النظر لأن التكبير علامة على الإنتقال فينبغي أن يكون في حال الإنتقال ولكن القول بأنه إن كمّله بعد الوصول إلى الركوع أو بعد به قبل الإنحناء مبطل للصلاة، القول بأن ذلك مبطل للصلاة فيه مشقة على الناس لأنك لو تأمّلت أحوال الناس اليوم لوجدت أكثر الناس لا يعملون بهذا، منهم من يُكبّر قبل أن يتحرّك في الهويّ ومنهم من يصل إلى الركوع قبل أن يُكمّل والغريب أن بعض الجهال اجتهد اجتهادا خاطئا وقال لا أكبّر حتى أصل إلى الركوع، لا أكبّر حتى أصل إلى الركوع، لماذا؟ قال لأنني إذا كبّرت قبل أن أصل إلى الركوع لسابقني المأمومون يسابقونني فيهوون قبل أن أصل إلى الركوع وربما وصلوا إلى الركوع قبل أن أصل إليه، وهذا من غرائب الاجتهاد أن تفسد عبادتك لتصحيح عبادة غيرك الذي ليس مأمورا بأن يُسابقك يعني هو المخطئ يعني لو قدّر أن المأموم من حين ما سمع لفظ "الله أكبر" أهوى إلى الركوع فهل هو مخطئ أو أنت المخطئ؟ هاه؟ المخطئ المأموم، كيف أذهب إلى شيء يرى بعض العلماء أن صلاتي تفسد به من أجل تصحيح خطأ إنسان هو المخطئ ولهذا نقول هذا اجتهادا في غير محله ونسمي المجتهد هذا الاجتهاد إيش؟ جاهلا مركبا لأنه جهِل وجهِل أنه جاهل، طيب.
إذًا نقول كبّر من حين أن تُهوي واحرص على أن ينتهي قبل أن تصل إلى الركوع ولكن لو وصلت إلى الركوع قبل أن تنتهي فلا حرج عليك والقول بأن الصلاة تفسد بذلك قول ضعيف ولا يُمكن العمل به، قال ثم يركع مكبرا، نعم، ولا يُمكن العمل به إلا بمشقة " ثم يركع مكبّرا " .