شرح قول المصنف " ... ويقول سبحان ربي الأعلى...". حفظ
الشيخ : " ركبتيه ويقول سبحان ربي الأعلى " يقول في حال السجود "سبحان ربي الأعلى" وقد مر علينا معنى التسبيح وما الذي يُسبَّح الله عنه أي يُنزّه وأما قوله "ربي الأعلى" دون أن يقول ربيَ العظيم لأن ذكر علوّ الله هنا أنسب من ذكر العظمة فإن الإنسان الأن أنْزل ما يكون، أنْزل ما يكون فلما كان أنزل ما يكون كان من المناسب أن يُثني على الله بماذا؟ بالعلو، وانظر إلى الحكمة والمناسبة في مثل هذه الأمور كيف كان الصحابة رضي الله عنهم في السفر إذا علَوا شيء كبّروا وإذا هبطوا واديا سبّحوا، لماذا؟ لأن الإنسان إذا علا وإرتفع قد يتعاظم في نفسه ويتكبّر ويعلو فناسب أن يقول الله أكبر ليُذكّر نفسه بكبرياء الله عز وجل أما إذا نزل فإن النزول لا شك أنه نقْص فكان ذكر التسبيح أولى، تنزيه الله عز وجل عن النقص الذي أنا كنت فيه الأن انحدرت فكان هذا من المناسب أن الإنسان يُذكّر نفسه بما هو أعلى منه ونظير هذا من بعض الوجوه أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى شيئا يُعجبه من الدنيا يقول ( لبّيك إن العيْش عيْش الأخرة ) سبحان الله، لبّيك ويش المناسبة لبّيك؟ لأن الإنسان إذا رأى ما يُعجبه من الدنيا ربما يلتفت إليه فيُعرض عن الله فيقول لبّيك استجابة لله عز وجل ثم يُوطّن نفسه فيقول "إن العيش عيش الأخرة" فهذا العيش الذي يُعجبك لا تغترّي به، عيْش زائل، العيش حقيقة فهو عيش الأخرة ولهذا كان من السنّة إذا رأى الإنسان ما يُعجبه في الدنيا وخاف أن تنقاد نفسه إليه أن يقول ( لبّيك إن العيش عيْش الأخرة ) .
ذكرنا هذا استطرادا، المهم أن الإنسان يقول في سجوده "سبحان ربي الأعلى" وما المراد بالعلوّ؟ أعُلُوّ المكان أم علُوّ الصفة؟ نعم، يشمل الأمرين جميعا، وهذا أمر أعني أنه يشمل الأمرين جميعا متفق عليه في فِطَر الناس إلا من اجتالته الشياطين عن فطرته فإن علُوّ الله عز وجل علُوّ ذات أمرٌ مفطور عليه الخلق لو أنك قلت للعامي ماذا تريد بقولك "سبحان ربي الأعلى" ويش يقول؟