تتمة الكلام على بيان فتنة الدجال مع بيان مقدار مكوثه في الأرض وذكر هلاكه على يد عيسى عليه الصلاة والسلام. حفظ
الشيخ : نهايتها بداية فرعون وهي ؟
الحضور : ادّعاء الربوبية .
الشيخ : ادّعاء الربوبية وأنه الرّب ولكن من حكمة الله عزّ وجلّ أن الله سبحانه وتعالى يعطيه آيات فيها فتن عظيمة فإنه يأتي إلى القوم يدعوهم فيتّبعونه فيصبحون وقد نبتت أراضيهم وشبعت مواشيهم فتعود إليهم أوفر ما تكون لبنا وأسبغ ضروعا يعني أنهم يعيشون في رغد لأنهم اتّبعوه ويأتي القوم فيدعوهم فلا يتّبعونه فيصبحون ممحلين ما في أراضيهم شيء هذه فتنة عظيمة لا سيما في الأعراب، الأعرابي يفتتن بهذا افتتانا عظيما ويمر بالخربة فيقول أخرجي كنوزك أمر ... فتخرج كنوزها تتبعه كيعاسيب النّحل تتبعه من ذهب وفضة وغيرها بدون آلات وبدون شيء فتنة من الله عزّ وجلّ فالفتنة عظيمة جدّا ثم مع ذلك هذه حال معاملته لأهل الدّنيا الذي سيتمتّع في الدّنيا أو يبأس فيها، أما المآل فإن الله تعالى جعل معه جنّة ونارا، جنة ونارا بحسب رؤيا العين لكن جنّته نار وناره جنّة من أطاعه أدخله هذه الجنّة فيما يرى الناس ولكنّها نار محرقة والعياذ بالله ومن عصاه أدخله النار فيما يراه الناس ولكنها جنّة وماء عذب طيّب، إذن يحتاج الأمر إلى تثبيت من الله عزّ وجلّ إن لم يثبّت الله المرء هلك وضل فيحتاج إلى أن يثبّت الله المرء على دينه ثباتا قويّا تاما يخرج إليه رجل من الناس شاب فيقول له أنت الدّجال الذي ذكر لنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول ذلك فيدعوه فيأبى أن يتّبعه فيأمر ويشق هذا الإنسان نصفين ويجعل نصفا هنا ونصفا هنا ويمشي بينهما تحقيقا للتباين تباين جسده بعضه عن بعض ثم يدعوه قم يا فلان فيقوم يتهلل وجهه يقوم في الحال ويقول أنت الدّجال الذي ذكره لنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم - لله درّه - ما يخاف ثمّ يقتله ثانية ويمر بين شقّيه ثم يدعوه فيقوم يتهلّل ويقول أنت الدّجال الذي ذكر لنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم ثم يأتي ليقتله فلا يسلّط عليه يعجز، يعجز عن قتله ولن يسلط على أحد بعده فهذا من أعظم الناس شهادة عند الله لأنه في هذا المقام العظيم الرهيب الذي لا نتصوّره نحن على هذا المكان أو في هذا المكان لا يتصوّر رهبته إلا من باشره، المقام رهيب عظيم ومع ذلك يصرّح على الملأ إعذارا وإنذارا بأنّك أنت الدّجال الذي ذكر لنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم هذه حاله وما يدعو إليه ولكن هذه المحنة العظيمة لا تدوم وهو الوجه الرابع الذي نتكلّم عنه مقدار مكثه في الأرض أربعون يوما فقط لكن يوم كسنة ويوم كجمعة وسائر أيامه كأيامنا هكذا حدّث النبي صلى الله عليه وسلّم قال الصحابة رضي الله عنهم " يا رسول الله هذا اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم واحد ؟ " قال ( لا، اقدروا له قدره ) انظروا يا إخواني إلى هذا المثال لتأخذوا منه عبرة كيف كان تصديق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لرسول الله ما ذهبوا يحرّفون أو يأوّلون أو يقولون إن اليوم لا يمكن أن يطول لأن الشّمس تجري في فلكها ولا تتغير ولكنه يطول لكثرة المشاق فيه ولعظم المشاق فيه فهو يطول لأنه متعب ما قالوا هكذا كما يقوله بعض المتحذلقين بماذا صدّقوا ؟ صدّقوا بأن هذا اليوم سيكون اثني عشر شهرا حقيقة بدون تحريف وبدون تأويل وهكذا حقيقة المؤمن ينقاد لما أخبر الله به ورسوله من أمور الغيب وإن حار فيها عقله لكن يجب أن تعلم أن خبر الله ورسوله لا يكون فيما يكون محالا في العقول لكن فيما يكون حيرة في العقول يعني العقول تتحير لأنها لا تدركه لكن لا يمكن أن يكون شيئا محالا فالرسول صلى الله عليه وسلم أخبر بأن أوّل يوم من أيام الدّجال كسنة لو أن هذا الحديث مرّ على المتأخّرين الذين يدّعون أنهم هم العقلاء لقالوا إن طوله مجاز عمّا فيه من التّعب والمشاق لأن أيام السّرور قصيرة وأيام الشّرور طويلة ولكن الصحابة رضي الله عنهم لصفائهم وقبولهم سلّموا في الحال وقالوا إن الذي خلق الشّمس وجعلها تجري في أربع وعشرين ساعة في يوم وليلة قادر على أن يجعلها تجري في اليوم كم؟ اثنتي عشر شهرا لأن الخالق واحد عزّ وجلّ فهو قادر ولذلك سلّموا وقالوا كيف نصلّي ما سألوا عن الأمر الكوني لأنّهم يعلمون أن قدرة الله فوق مستواهم سألوا عن الأمر الشّرعي الذين هم مكلّفون به وهو الصّلاة وهذا والله حقيقة الانقياد والقبول قالوا كيف نصلي؟ قال اقدروا له قدره وسبحان الله العظيم إذا تأمّلت أن هذا الدّين تام كامل لا يمكن أن تكون مسألة يحتاج الناس إليها إلى يوم القيامة إلا ووجد لها أصل، كيف أنطق الله عزّ وجل الصّحابة أن يسألوا هذا السؤال ؟ ما قالوا نصبر حتى يأتي ذاك اليوم نشوف نبحث، أنطقهم الله حتى يكون الدّين كاملا ما يحتاج إلى تكميل وقد احتاج الناس إلى هذا الآن، الآن المناطق القطبية يبقى الليل فيها ستّة أشهر والنهار ستّة أشهر نحتاج إلى هذا الحديث وإلا ما نحتاج ؟
الحضور : نحتاج .
الشيخ : نحتاج رأيت كيف أفتى الرسول عليه الصلاة والسلام هذه الفتوى قبل أن تقع هذه المشكلة لأن الله تعالى قال في كتابه (( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي )) والله لو نتأمل كلمة (( أكملت لكم دينكم )) لعلمنا أنه ما يوجد شيء ناقص في الدّين أبدا فهو كامل من كل وجه لكن النقص فينا إما قصور في علومنا وإما في أفهامنا أو إرادات تكون ما هي منضبطة يكون إنسان يريد أن ينصر قوله فيعمى عن الحق - نسأل الله العافية - فلو أننا نظرنا بعلم وفهم وحسن نيّة لوجدنا أن الدّين ولله الحمد لا يحتاج إلى مكمّل وأنه لا يمكن أن تقع مسألة صغيرة ولا كبيرة إلا وجد حلّها في الكتاب والسّنّة لكن لما كثر الهوى وغلب على الناس صار بعض الناس يعمى عليه الحق ويخفى عليه وتجدهم إذا نزلت الحادثة التي لم تكن معروفة من قبل بعينها وإن كان جنسها معروفا تجدهم يختلفون فيها أكثر من أصابعهم وإذا كانت تحتمل قولين وجدت فيها عشرة كل هذا لأن الهوى غلب على الناس الآن وإلا فلو كان القصد سليما والفهم صافيا والعلم واسعا لعرفت على كل حال أقول إن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر بأنه يبقى أربعين يوما فماذا يكون الأمر بعد الأربعين ؟ ينزل المسيح عيسى بن مريم الذي رفعه الله إليه ، ينزل وقد جاء في الأحاديث أنه ينزل عند المنارة البيضاء في دمشق أو عليها، النسيان مني فلا يحل لكافر يجد ريحه إلا مات وهذه من آيات الله فيلحق الدجال عند باب اللد في فلسطين عند اليهود فيقتله هناك، وحينئذ يقضي عليه نهائيا ولا يقبل عليه الصلاة والسلام إلا الإسلام لا يقبل الجزية ويكسر الصليب ويقتل الخنزير ويريق الخمر، ولايقبل إلا الإسلام فقط فلا يعبد إلا الله. وعلى هذا فالجزية التي فرضها الإسلام جعل الإسلام لها أمدا تنتهي إليه عند نزول عيسى ولا يقال إن هذا تشريع من عيسى لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر بذلك مقرّرا له فوضع الجزية عند نزول عيسى من سنّة الرسول عليه الصلاة والسلام لأن سنة الرسول صلى الله عليه وسلم قوله وفعله وإقراره وكونه يتحدّث عن عيسى بن مريم مقرا له هذا من سنّته وإلا فإن عيسى لا يأتي بشرع جديد ولا أحد يأتي بشرع جديد فما فيه إلا شرع محمّد عليه الصلاة والسلام إلى يوم القيامة. هذا ما يتعلّق بالدّجال نسأل الله أن يعيذنا وإيّاكم منه .