شرح قول المصنف "...ثم يسلم عن يمينه السلام عليكم ورحمة الله وعن يساره كذلك...". حفظ
الشيخ : قال المؤلّف " ثم يسلّم عن يمينه السلام عليكم ورحمة الله وعن يساره كذلك " نعم يسلّم بعد التّشهّد والدّعاء يسلّم عن يمينه وعن يساره فيقول عن يمينه السّلام عليكم ورحمة الله وعن يساره السّلام عليكم ورحمة الله وهذا خطاب " السّلام عليكم " لكنه خطاب يخرج به من الصّلاة بخلاف الخطاب الذي يكون في أثناء الصّلاة فقد سمعتم القول فيه أما هذا فهو خطاب يخرج به من الصّلاة، على من يسلّم يا حسن ؟
السائل : فيها خلاف ... يسلم على من جنبه في الصّفوف، وقيل يسلم على الملائكة وقيل أنه يسلم على ... .
الشيخ : يقولون إذا كان معه جماعة فيسلّم عليهم وإذا لم يكن معه جماعة فيسلّم على الملائكة الذين عن يمينه وشماله يقول " السلام عليكم ورحمة الله " لكن هذا السلام الآن إذا سلّم على الجماعة هل يجب على الجماعة أن يردّوا عليه ؟
الحضور : لا .
الشيخ : لا، وإن كان قد روى أبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلّم كان يسلم عليهم ويسلّموا على بعض بهذا السّلام، لكن الظاهر أن يقال هذا السلام حاصل من الجميع فكل واحد يسلّم على الآخر فاكتفي بسلام الثاني عن الرّدّ " السّلام عليكم " الثاني يقول " السلام عليكم " هذا هو أقرب ما يقال في ردّ هذا السّلام وإلا فلا شكّ أن المأمومين يسلّم بعضهم على بعض بهذا كما قال النبي عليه الصلاة والسلام حينما كانوا يرفعون أيديهم يومئون بها ( ما لي أراكم تومئون بأيديكم كأنها أذناب خيل شمس إنما كان يكفي أحدكم أن يقول السلام عليكم على يمينه وشماله ) وهذا يدل على أن هذا السلام يقصد به السلام على من بجانبه لكنّه لما كان كل واحد يسلّم على الثاني اكتفي بهذا عن الرّدّ .
قال " السلام عليكم ورحمة الله " سبق شرحها في التّشهد عن " السلام عليك أيها النبي ورحمة الله " قال " وعن يساره كذلك " يقول " السلام عليكم ورحمة الله " وهنا بحث في السّلام : أوّلا لو قال سلام عليكم بدون أل هل يجزئ ؟ الجواب نعم ولكن السّنّة أن يكون بأل فيقول " السّلام عليكم " لأن هذا الذي جاء به الحديث فيقول " السّلام عليكم " .
الثاني: لو جاء بالإفراد فقال " السلام عليك ورحمة الله " فإنه لا يجزئ لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ) ولوجود الفرق بين الإفراد وبين الجمع .
ولو قال " السلام عليكم " فقط هل يجزئ ؟ فيه خلاف بين العلماء منهم من قال لا يجزئ ومنهم من قال يجزئ لأنه قد ورد في حديث أورده النّسائي أشرت إليه قبل قليل ( يقول أحدكم عن يمينه وعن شماله السلام عليكم ) بدون ذكر ورحمة الله وعلى هذا يكون قول " ورحمة الله " سنّة وليس بواجب ، ومنها من البحث في السّلام هل يزيد على ذلك فيقول " السلام عليكم ورحمة الله وبركاته " هذا موضع خلاف بين العلماء فمنهم من قال الأفضل ألا يزيد وهو المشهور من مذهب الإمام أحمد ألا يزيد على قوله " ورحمة الله " لا في التسليمة الأولى ولا في التّسليمة الثانية وذهب بعض أهل العلم إلى أن يزيد في التّسليمة " وبركاته " دون الثانية فيقول في الأولى " السلام عليك ورحة الله وبركاته " وفي الثّانية " السلام عليكم ورحمة الله " لحديث أخرجه أبو داود قال الحافظ بن حجر أن إسناده صحيح.
ومنها أي من البحث في السّلام اقتصر على تسليمة واحدة فهل يجزئ ؟ هذا أيضا موضع خلاف بين العلماء فمنهم من يقول يجزئ لحديث عائشة ( وكان يختم الصلاة بالتسليم ) وهذا لفظ مطلق يصدق بواحدة ومنهم من قال أنه لا يجزئ وأن أل في التسليم للعهد الذهني أي بالتّسليم المعهود وهو " السلام عليكم ورحمة الله " عن اليمين و " السلام عليكم ورحمة الله " من اليسار واستدلوا لذلك بالحديث الذي رواه النسائي أشرنا إليه قبل قليل ( إنما كان يكفي أحدكم أن يقول السلام عليكم من على يمينه وعلى شماله ) وقالوا إن ما دون الكفاية لا يكون مجزئا ولا يكون جائزا لأنه قال يكفيك كذا معناه ما دونه ما يكفي وهذا هو المشهور من مذهب الحنابلة وأنه لا بدّ من التسليمتين ولا يجوز أن يخل بهما، واستدلوا أيضا بمحافظة النبي صلى الله عليه وسلم على التّسليمتين وقالوا إن محافظته عليهما حضرا وسفرا في حضور البوادي والأعراب والعالم والجاهل يدل على أنه لا بدّ منه ويرشّح ذلك قوله ( صلّوا كما رأيتموني أصلّي ) وقال بعض أهل العلم تجزئ واحدة في النّفل دون الفرض لأنه ورد عن النبي عليه الصلاة والسّلام أنه سلّم في الوتر تسليمة واحدة تلقاء وجهه وقالوا إن النّفل قد يخفف فيه ما لا يخفّف في الفرض وعلى هذا فتجزئ التسليمة الواحدة في النّفل دون الفرض فهذه أقوال ثلاثة هل لا بدّ من تسليمتين في الفرض والنّفل كما هو المشهور من المذهب؟ أو تجزئ تسليمة واحدة في الفرض والنّفل؟ أو تجزئ تسليمة واحدة في النّفل دون الفرض ؟ على كل حال الاحتياط من الأقوال الثلاثة أن يسلّم مرّتين لأنه إذا سلم مرّتين لم يقل أحد من أهل العلم أن صلاتك باطلة ولو سلّم من مرة واحدة لقال بعض أهل العلم ممن يقول إن صلاتك باطلة ومن المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلّم أمر بالاحتياط فيما لم يتّضح فيه الدّليل فقال عليه الصّلاة والسّلام ( الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات فمن اتّقى الشّبهات استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشّبهات وقع في الحرام ) وقال عليه الصلاة والسّلام ( دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ) وأنت إذا أتيت بتسليمة ثانية فقد أتيت بذكر تتقرّب به إلى الله عزّ وجلّ وتسلم به من أن يقال إن صلاتك باطلة، على أن الذين قالوا بوجوب التسليمتين في الفرض والنّفل قالوا إنّ فعل الرسول عليه الصلاة والسّلام قضية عين تحتمل النّسيان أو غير ذلك فلا يقدّم هذا الفعل على القول الذي قال ( إنما كان يكفي أحدكم أن يقول كذا ) ولكن هذا الاحتمال فيه نظر لأن الأصل في فعل الرّسول صلى الله عليه وسلّم التّشريع وعدم النّسيان ولا سيما أنه سلّم واحدة تلقاء وجهه على خلاف العادة مما يدل على أنّه أرادها قصدا لكن كما قلت الاحتياط أن يسلّم مرّتين في الفرض والنّفل .