شرح قول المصنف" ... وحرم أن يقيم غيره فيجلس مكانه إلا من قدم صاحبا له فجلس في موضع يحفظه له...". حفظ
الشيخ : يقول " وحرم أن يقيم غيره فيجلس مكانه إلا من قدم صاحبا له فجلس في موضع يحفظه له " يحرم أن يقيم غيره أن يقيم من ؟ الإنسان غيره ممن جلس في المكان ويجلس مكانه وقوله " فيجلس مكانه " هذا قيد أغلبي لأن الغالب أن الإنسان يقيم غيره من أجل أن يجلس في مكانه ومع ذلك لو أقام غيره لا ليجلس في مكانه قال قم عن هذا وخل المكان مفتوحا فإن التحريم باق ودليل هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم ( من سبق إلى من لم يسبق إليه مسلم فهو أحق به ) ونهيه صلى الله عليه وسلم أن يقيم الرجل أخاه فيجلس مكانه ففي الحديث الأول بين الأحقية وفي الحديث الثاني تحريم الإقامة أن يقيم غيره فيجلس مكانه يقول رحمه الله هذا دليل التعليل لأن ذلك يحدث العداوة والبغضاء بين المصلين هذا ينافي مقصود الجماعة إذ أن المقصود من الجماعة هو الائتلاف والمحبة فإذا أقام غيره ولا سيما أمام الناس فلا شك أن هذا يؤذيه ويجعل في قلبه ضغينة على هذا الرجل الذي أقامه يقول " إلا من قدم صاحبا له " إلى آخره يعني إلا شخضا قدم صاحبا له في موضع يحفظه له مثل أن يقول لشخص ما يا فلان أنا عندي شغل ولا يخلص شغلي إلا عند مجيء الإمام فاذهب واجلس في مكان لي في الصف الأول فإذا فعل وجلس في الصف الأول فله أن يقيمه لأن هذا الذي أقيم إيش ؟ وكيل له ونائب عنه وظاهر كلام المؤلف أن هذا العمل جائز أي يجوز لشخص أن ينيب غيره ليجلس في مكان فاضل ويبقى هذا المنيب حتى يفرغ من حاجاته ثم يتقدم إلى المسجد وفي هذا نظر أولا لأن هذا النائب لم يتقدم لنفسه وربما يراه أحد فيظنه عمل عملا صالحا وليس كذلك وثانيا أن في هذا تحيلا على تحجر الأماكن الفاضلة لمن لم يتقدم والأماكن الفاضلة من أحق الناس بها ؟ من سبق إليها وظاهر كلام المؤلف أنه يحرم أن يقيم غيره ولو كان الغير صغيرا وهذا هو الصحيح والمذهب أنه يجوز أن يقيم الصغير ويجلس مكانه ولكن الصحيح أنه لا يجوز أن يقيم الصغير أولا لعموم النهي ( لا يقيم الرجل أخاه ) وثانيا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم فهو أحق به ) وهذا الصبي سابق فلا يجوز لنا أن نهدر حقه وأن نظلمه ونقيمه وأما من قال بالجواز واستدل بقول النبي صلى الله عليه وسلم ( ليلني منكم أولو الأحلام والنهى ) فقد استند إلى غير مستند له لأن قوله صلى الله عليه وسلم ( ليلني منكم أولو الأحلام والنهى ) حث لأولي الأحلام والنهى أن يتقدموا ولو قال لا يلني إلا أولو الأحلام لقال هكذا لكان لنا الحق أن نقيم الصغير أما لما قال ( ليلني ) فأمر ذوي الأحلام والنهى أن يلوه فالمعنى أن هؤلاء مأمورون بأن يتقدموا حتى يلوا الإمام والحديث واضح وليس فيه دلالة لما ذهب إليه هؤلاء ثم نقول إن في إقامة الصغير عن مكانه مفسدة عظيمة بالنسبة للصغير ما هي ؟ أنه يبقى في قلبه كراهة للمسجد والتقدم إليه وكراهة لمن أقامه ولذلك لا ننسى ضربة أصابتنا من شخص ولحقنا في المسجد حتى أخرجنا منه مع اننا ما لعبنا ولا شيء فالصغير لا ينسى أبدا فإذا أقامه من مجلسه أو أمام الناس ولا سيما إذا كان له تمييز كالسابعة والثامنة ينكسر قلبه ويتأثر بهذا تأثرا كبيرا ويكره الرجل الذي أقامه ويكره المسجد ويكون في هذا تنفير للصبيان عن الصلاة ففيه مفاسد ولهذا القول الراجح في هذه المسألة الذي صوبه صاحب الإنصاف وكذلك مال إليه صاحب الفروع وصرح به المجد أيضا جد شيخ الإسلام ابن تيمية أنه لا تجوز إقامة الصغير من مكانه ثم هناك مفسدة أخرى غير ما سبق إذا أقمنا الصغار من الصف الأول وجعلناه في صف واحد مستقل نعم فناهيك باللعب يلعبون لعبا عظيما لكن إذا أبقيناهم في الصف الأول وصار كل طفل إلى جنب رجل قل لعبهم بلا شك لهذا كلما تأملت هذا القول أعني أنه لا يجوز إقامة الصغير تبين لك أنه هو الصواب .