قال المصنف :" وتسن عيادة المريض " حفظ
الشيخ : ثم قال المؤلف " وتسن عيادة المريض " تسن عيادة المريض هذا مبتدأ درس اليوم هذا مبتدأ الدرس الظاهر ما أخذناه طيب " تسن عيادة المريض " تسن والسنة عند الفقهاء ما أثيب فاعله ولم يعاقب تاركه فهي من الأمور المرغب فيها وليست من الأمور الواجبة وقول المؤلف عيادة المريض ولم يقل زيارة لأن الزيارة للصحيح والعيادة للمريض وكأنه اختير لفظ العيادة للمريض من أجل أن يكرر لأنها مأخوذة من العود وهي الرجوع للشيء مرة بعد أخرى والمرض قد يطول فيحتاج الإنسان إلى تكرار العيادة وقول المؤلف عيادة المريض " أل " هنا للجنس يعني من أصابه جنس المرض وهي أيضا من اعتبار المريض عامة المريض فعندنا الآن باعتبار المرض هي للجنس وباعتبار المريض الذي أصابه المرض هي للعموم لأنها اسم محلى بأل والاسم المحلى بأل يفيد العموم على أن بعض النحويين الذين يتعمقون في البحث في النحو يقولون إن أل اسم موصول لأنه إذا كان اسم الفاعل مقرونا بأل أو اسم المفعول فإن أل عندهم بمعنى اسم الموصول طيب إذا عندنا عمومان الأول المرض لأن أل للجنس والثاني المصاب بالمرض طيب هل هذا هل المراد ذلك؟ نقول لا ليس المراد ذلك لأن المراد بالمريض مرضا يحبسه عن الخروج مع الناس فأما إذا كان لا يحبسه فإنه لا يحتاج إلى عيادة لأنه يشهد الناس ويشهدونه إلا إذا علم أن هذا الرجل يأتي أو يخرج إلى السوق أو إلى المسجد بمشقة شديدة ولم يصادفه حين خروجه وأنه بعد ذلك يبقى في بيته فهنا نقول عيادته مشروعة، عيادته مشروعة طيب المرض بالزكام هل يدخل في هذا؟ الزكام مرض لا شك فإن حبس الإنسان دخل في هذا وإن لم يحبسه كما هو الغالب والكثير فإنه لا يحتاج إلى عيادة، المريض بوجع الضرس هاه يعاد؟ تنسحب عليه القاعدة إن انحبس في بيته عدناه وإن خرج وصار مع الناس لا نعوده لكن لا مانع أن نسأل عن حاله إذا علمنا أنه مصاب بمرض الضرس، المريض بالعين بوجع العين؟ كذلك ينسحب عليه الحكم إذا كان مرضه قد حبسه فإنه يعاد وإن كان يخرج مع الناس ويمشي مع الناس فإنه لا يعاد لكن يسأل عن حاله، طيب المريض قلنا إنه عام فهل يشمل الكافر والمسلم والبر والفاجر أو يختص بواحد من هؤلاء؟ نقول أما غير المسلم فلا يعاد إلا إذا اقتضت المصلحة ذلك بحيث نعوده لنعرض عليه الإسلام فهنا تشرع عيادته إما وجوبا وإما استحبابا وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم عاد يهوديا فعرض عليه الإسلام وكان في سياق الموت فنظر إلى أبيه كأنه يستشيره فقال له أبوه أطع محمدا فقال أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فأسلم فهذا الأب يقول أطع محمدا وهو لم يطع محمدا اللهم إلا إن كان فيما بعد ما ندري عنه، طيب إذا عيادة غير المسلم فيها تفصيل إذا كان فيه مصلحة بحيث يرجى إسلامه فهذا طيب بل قد يجب وإن لم يكن فيه ذلك مصلحة فلا يعاد الفاجر من المسلمين يعني الفاسق بكبيرة من الكبائر أو صغيرة من الصغائر أصرّ عليها هل يعاد؟ نقول فيه هذا التفصيل أيضا إذا كنا نعود من أجل أن نعرض عليه التوبة ونرجو منه التوبة فعيادته مشروعة إما وجوبا وإما استحبابا وإلا فإن الأفضل ألا نعوده وقد يقال بل عيادته مشروعة ما دام لم يخرج من وصف الإيمان أو الإسلام لقول النبي عليه الصلاة والسلام ( حق المسلم على المسلم خمس -أو- ست وذكر منها عيادة المريض ) طيب هل يشمل القريب والبعيد؟ يعني القريب لك بصلة قرابة أو مصاهرة أو مصادقة والبعيد أو يختص فيمن بينك وبينه صلة؟ الجواب يعم لأن هذا حق مسلم على مسلم لا قريب على قريب ولكن كلما كانت الصلة أقوى كانت العيادة أشد إلحاحا وطلبا ومن المعلوم أنه إذا مرض أخوك الشقيق فليس كمرض ابن عمك البعيد وكذلك إذا مرض من بينك وبينه مصاهرة قرابة يعني صلة بالنكاح فليس من ليس بينك وبينه مصاهرة كذلك من بينك وبينه مصادقة ليس كمن لم ليس بينك وبينه مصادقة على كل حال الحقوق هذه تختلف باختلاف الناس نرجع الآن إلى أصل الحكم قول المؤلف تسن ظاهره أنها سنة في حق جميع الناس ولكن هذا ليس على إطلاقه فإن عيادة المريض إذا تعينت برا أو صلة رحم صارت واجبة لا من أجل المرض ولكن من أجل القرابة فهل يمكن أن نقول لشخص مرض أبوه إن عيادة أبيك سنة؟ لا، نقول واجبة لأنها يتوقع عليها البر أو إن عيادة أخيك المريض سنة؟ لا، يتوقف عليها البر فهذا يكون الوجوب ليس لأجل المرض ولكن من أجل الصلة بالقرابة طيب أما من لا يعد ترك عيادته عقوقا أو قطيعة فإن المؤلف يقول إنه سنة ولكن الصحيح أنه واجب على الأقل واجب كفائي يعني يجب على المسلمين أن يعودوا مرضاهم لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعلها من حق المسلم على المسلم وليس من محاسن الإسلام أن يمرض الواحد منا ولا يعوده أحد وكأنه مرض في برية فالصواب الذي تقتضيه النصوص أنه واجب ولكنه واجب كفائي فلو علمنا أن هذا الرجل لا يعوده أحد فإنه يجب على من علم بحاله وقدر أن يعوده نعم عيادة المريض مع كونها من أداء الحقوق على المسلم لأخيه ففيها جلب مودة وإلفة لا يتصورها إلا من مرض ثم عاده إخوانه فإنه يجد من المحبة لهؤلاء الذين عادوه يجد شيئا كثيرا تجده يتذوقها ويتحدث بها كثيرا ففيها مع الأجر فيها أنها تثبت الألفة بين المسلمين ثم قال المؤلف " تسن عيادة المريض " لم يبين المؤلف في أي وقت يعود المريض ولم بيين هل يتحدث عنده ويتأخر في المقام أو لا يتحدث ويعجل في الانصراف؟ نقول عدم ذكرها أحسن عدم ذكر ذلك أحسن ففي الزمن نقول ينظر إلى الزمن المناسب قد يكون في الصباح أنسب وقد يكون في المساء أنسب وقد يكون في الضحى أنسب حسب ما تقتضيه حال المريض ومصلحته ولا نقيدها بأنها بكرة أو عشيا كما قيده بعض العلماء بل نقول هذه ترجع إلى أحوال الناس وهي تختلف بحسب حال المريض فإذا قدرنا أن المريض قد جعل له وقتا يجلس فيه للناس فليس من المناسب أن نعوده في غير هذا الوقت لأن تخصيصه لزمن يعوده فيه الناس يدل على أنه لا يرغب في غير هذا وإلا لجعل الباب مفتوحا، المسألة الثانية قلنا هل يتأخر عند المريض ويتحدث إليه أو يعوده ثم ينصرف بسرعة؟ هذا أيضا ينبغي ألا يقيد وإن كان بعض العلماء يقول الأفضل ألا تتأخر وأن تبادر بالانصراف لأن المريض قد يثقل عليه ذلك وكذلك أهل المريض ربما يثقل عليهم بقاؤك عنده لأنهم يحبون أن يأتوا إلى مريضهم ولكن الصحيح في هذه المسألة أنه يرجع أيضا إلى ما تقتضيه الحال والمصلحة، قد يكون هذا المريض يحب من يعوده سواء كان محبة عامة أو محبة خاصة لشخص معين ويرغب أن يبقى عنده ويتحدث إليه ولاسيما إذا استطعمك المريض ورأيت أنه يحب أن يتحدث مثل أن يسألك عن أحوال الناس مثلا أو عن أشياء يحب أن يطلع عليها فهنا ينبغي لك أن تمكث عنده، أما إذا كان المريض علمت من حاله أنه لا يحب أن تبقى كثيرا مثل أن رأيته يتملل وأن صدره ضائق أو سمعته يقرأ إذا زلزت الأرض زلزالها نعم فهنا تخرج وإلا لا؟ تخرج ما تبقى لأنك تعرف الآن أنه لا يريد أن تبقى عنده فعلى كل حال الصحيح في هذه المسألة النظر إلى الحال وما تقتضيه المصلحة والناس يختلفون لا المرضى ولا العائدون، طيب ولهذا أنا أرى إطلاق المؤلف رحمه الله هذا الإطلاق بدون تقييد بزمن ولا ببقاء أرى أنه من أحسن ما فعل رحمه الله طيب .