قال المؤلف :" اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نزله وأوسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس وأبدله دارا خيرا من داره وزوجا خيرا من زوجه وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر وعذاب النار " حفظ
الشيخ : ثم قال المؤلف " اللهم اغفر له وارحمه " هذا الدعاء الخاص وبدأ بالدعاء العام لأنه أشمل أما الخاص فهو خاص بالميت اللهم اغفر له وارحمه المغفرة محو آثار الذنوب وسترها والإنسان محتاج إلى ستر ذنوبه حيا وميتا والحمد بحصول المطلوب ولهذا يجمع بين المغفرة والرحمة كثيرا لأن بالمغفرة النجاة من المرهوب وبالرحمة حصول المطلوب " وعافه واعف عنه " عافه مما قد يصيبه من السوء كعذاب القبر مثلا واعفوا عنه تجاوز عنه ما فرط فيه من الواجب في حال الحياة فالعفو التسامح والتجاوز عن الأوامر والمغفرة محو آثار الذنوب بالمخالفة " وأكرم نزله " يقال نزُله بالضم ويقال نزْله بالسكون وهو القرى القرى أي الإكرام الذي يقدم للضيف والإنسان الراحل هو في الحقيقة قادم على دار جديد فتسأل الله أن يكرم نزله أي ضيافته " وأوسع مدخله " وأوسع مدخله يقال مَدخل ومُدخل بالضم والفتح مَدخل ومُدخل فالمُدخل بالضم الإدخال والمَدخل اسم مكان أي مكان الدخول وعلى هذا فالفتح أحسن يعني أوسع مكان دخوله ويراد به القبر أن الله يوسع له وذلك لأن القبر إما أن يضيق على الميت حتى تختلف أضلاعه والعياذ بالله وإما أن يوسع له مد البصر فأنت تسأل الله أن يوسع مدخله " واغسله بالماء والثلج والبرد " اغسله بالماء والثلج والبرد الغسل بالماء يعني استعمال الماء فيما تلوث وما حصل فيه أذى من أجل إزالة التلويث والأذى وهنا المراد بالغسل، غسل أثار الذنوب وليس المراد أن يغسل شيئا حسيا لأن الغسل الحسي قد تم بالنسبة للميت قبل أن يكفن ولهذا قال بالماء والثلج والبرد أورد بعض العلماء على هذا إشكالا وقال إن الغسل بالماء الساخن أنقى فلماذا قال بالماء والثلج والبرد وأجابوا عن ذلك بأن المراد غسله من آثار الذنوب وآثار الذنوب نار محرقة فيكون المضاد لها الماء والبرودة وقوله الثلج والبرد الفرق بينهما أن الثلج ما يتساقط من غير سحاب يتساقط من الجو مثل الرذاذ ويتجمد والبرد هو الذي يتساقط من السحاب ويسمى عند الناس أو عند بعض أهل اللغة يسمونه حب الغمام حب الغمام لأنه ينزل مثل الحب " ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس " والحديث من الخطايا الحديث من الخطايا نقه من الخطايا والخطايا جمع خطيئة وهي ما خالف فيه الصواب سواء كان فعلا للمحظور أو تركا للمأمور وأما قوله من الذنوب على ما أراده المؤلف فإنه لو صح فيه الحديث الذنوب والخطايا لقلنا الذنوب للصغائر والخطايا للكبائر ولكن الحديث ورد بالخطايا فقط وبناء عليه نقول الخطايا هنا تشمل الصغائر والكبائر وقوله " كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس " هذا التشبيه لقوة التنقية يعني نقه نقاء كاملا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس وخص الأبيض لأن ظهور الدنس على الأبيض أبين من ظهوره على غيره ولهذا يكره الغسالون أيام الشتاء لأن الناس يلبسون ثيابا سودا ملونة لا تتسخ سريعا فيكسد سوقهم في أيام الصيف يلبسون البياض ويتسخ يومين أو ثلاثة حسب حال الإنسان فيكثر الورود عليهم وينشط سوقهم إذا الأبيض نقول خص الأبيض لأنه أكثر قبولا للوسخ ونقاؤه يدل على أنه ليس فيه وسخ إطلاقا وقوله " وأبدله دارا خيرا من داره وزوجا خيرا من زوجه وأهلا خيرا من أهله "
السائل : ما هي موجودة؟
الشيخ : ماهي موجودة المؤلف حذفها وهي موجودة في الحديث أبدله دارا خيرا من داره، الدار الأولى دار الدنيا والثانية دار البرزخ وهناك دار أخرى ثالثة وهي دار الآخرة فأبدله دارا خيرا من داره يشمل الدارين دار البزرخ ودار الآخرة، وزوجا خيرا من زوجه زوجا خيرا من زوجه هذا فيه إشكال سواء كان المصلى عليه رجلا أم امرأة لأنه إن كان المصلى عليه رجلا وقلنا أبدله زوجا خيرا من زوجه فهذا يقتضي أن الحور خير من نساء الدنيا وإن كان امرأة فهذا يقتضي أننا نسأل الله أن يفرق بينها وبين زوجها ويبدلها بخير منه صح فهذان إشكالان أما الجواب عن الأول أبدله زوجا خيرا من زوجه فنقول ليس فيه دلالة صريحة على أن الحور خير من نساء الدنيا لأنه قد يكون المراد خيرا من زوجه في الأخلاق لا في الخيرية عند الله عز وجل وبهذا الجواب يتضح الجواب عن الإشكال الثاني وهو أن المرأة إذا قلنا أبدلها زوجا خيرا من زوجها فإنه يعني أننا نسأل الله أن يفرق بينهما فنقول الجواب أن خيرية الزوج هنا ليس خيرية في العين بل خيرية في الوصف وهذا يتضمن أن يجمع الله بينهما في الجنة لأن أهل الجنة ينزع الله ما في صدورهم من غل ويبقون على أصفى ما يكون والتبديل كما يكون في العين يكون في الصفة ومنه قوله تعالى (( يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات )) فالأرض هي الأرض في عينها لكن اختلفت وكذلك السماوات فهذا هو الجواب عن هذا الإشكال قال " وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر وعذاب النار " أدخله الجنة هي دار المتقين نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من أهلها كما قال الله تعالى (( وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين )) وأعذه من عذاب القبر لأن القبر فيه عذاب ولكن الله تعالى قد يقي الإنسان عذابه إذا ألح على الله في الدعاء كما أمر النبي عليه الصلاة والسلام قال ( تعوذوا بالله من عذاب القبر ) ولهذا أمر أن يتعوذ الإنسان من عذاب القبر في كل صلاة إذا تشهد التشهد الأخير فإنه يؤمر أن يتعوذ بالله من أربع من عذاب القبر وعذاب النار وفتنة المحيا والممات وفتنة المسيح الدجال وعذاب النار معروف فإن قال قائل أليس إدخاله الجنة يغني عن سؤال أن يعيذه الله من عذاب القبر وعذاب النار؟ قلنا لا فإن الإنسان قد يدخل الجنة بعد أن يعذب في القبر وبعد أن يعذب بالنار فأنت تسأل الله أن يدخل الجنة نقيا من عذاب سابق لا في القبر ولا في النار ثم ها هنا إشكال في الدعاء اللهم اغفر له الضمير للمفرد المذكر فإذا كان الميت أنثى فهل نقول اللهم اغفر له أو نقول اللهم اغفر لها بالتأنيث نقول هكذا بالتأنيث لأن ضمير الأنثى يكون مؤنثا فنقول اللهم اغفرلها وارحمها وعافها واعف عنها إلى آخره طيب وإن كان المقدم اثنين نقول اللهم اغفرلهما وإن كانوا جماعة اللهم اغفرلهم إذا كان جماعة ذكور وإذا كان جماعة إناث اللهم اغفر لهن المهم أن الضمير يكون على حسب من يدعى له ونظير هذا من بعض الوجوه حديث ابن مسعود رضي الله عنه في دعاء الغم ( اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك ) تقول المرأة ( اللهم إني أمتك بنت عبدك بنت أمتك ) طيب الشيء الثاني السؤال الثاني على هذا إذا فرضنا أن الإنسان لا يدري هل المقدم ذكر أو أنثى فهل يؤنث الضمير أو يذكر الضمير
السائل : هذا وهذا
الشيخ : نعم نعم يجوز هذا هذا فإن ذكرت اللهم اغفرله أي لهذا الشخص أو للميت اللهم اغفرلها أي لهذه الجنازة نعم.